الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم بناء المراحيض في قبلة المسجد ، وحكم الصلاة في هذا المسجد

السؤال

يوجد مسجد صغير في الميناء ويوجد في قبلته المراحيض ، ويفصل بينها وبين المسجد حائط ، فهل يجوز أن تكون المراحيض في قبلة المسجد ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
ورد عن كثير من السلف النهي عن الصلاة إلى الحمامات وأماكن قضاء الحاجة ، وهي ما تسمى قديما بـ " الحُش".
فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو َقَالَ : " لاَ تُصَلِّ إلَى الْحُشِّ ، وَلاَ إلَى حَمَّام ، وَلاَ إلَى مَقْبَرَة ".
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف" (2/379) .
وروى عبد الرزاق في " المصنف" (1/405) عن ابن عباس قال : " لا تصلينَّ إلى حُشٍّ ، ولا حمَّام ، ولا في المقبرة ". انتهى .
وعَنْ إبْرَاهِيمَ النخعي ( من التابعين ) قَالَ : " كَانُوا يَكْرَهُونَ ثَلاَثَ أَبْيَاتٍ لِلْقِبْلَةِ : الْحُشَّ ، وَالْمَقْبَرَةَ ، وَالْحَمَّامَ " رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/380) .
أي كانوا يكرهون أن تكون هذه الثلاث في قبلة المصلي ، ولفظه في "مصنف عبد الرزاق" (1/405) : " كانوا يكرهون أن يتخذوا ثلاثة أبياتٍ قبلةً : القبر ، والحمام ، والحُش ". انتهى .
وَقَدْ سُئِلَ الإمام أحمد عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْحُشِّ ؟
قَالَ : " لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْقِبْلَةِ : قَبْرٌ ، وَلَا حُشٌّ ، وَلَا حَمَّامٌ ".
انتهى من" المغني" لابن قدامة (2/473).
قال شيخ الإسلام : " ووجه الكراهة في الجميع : ما تقدم عن الصحابة والتابعين من غير خلاف علمناه بينهم ، ولأن القبور قد اتخذت أوثانا وعُبدت ، والصلاة إليها يشبه الصلاة إلى الأوثان ، وذلك حرام وإن لم يقصده المرء ، ولهذا لو سجد إلى صنم بين يديه لم يجز ذلك .
والحُشُّ والحمَّام موضع الشياطين ومستقرهم ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدنو إلى السترة خشية أن يقطع الشيطان على المصلي صلاته ... فالصلاة إلى مستقره ومكانه مَظِنَّةُ مروره بين يدي المصلي ؛ ولأن الصلاة إلى الشيء استقبال له ، وتوجه إليه ، وجَعْلٌ له قِبْلَةً ، فان ما يستقبله المصلي قبلةٌ ... ولهذا أمرنا أن نستقبل في صلاتنا أشرف البقاع ، وأحبها إلى الله وهو بيته العتيق .
فينبغي للمصلي أن يتجنب استقبال الأمكنة الخبيثة والمواضع الردية ، ألا ترى أنا نهينا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ، فكيف إذا كان البول والغائط والشياطين ومواضع ذلك في القبلة وقت الصلاة " انتهى من " شرح العمدة" (2/481).

ثانياً : الحمامات التي في قبلة المسجد لا تخلو من حالين :

الأول : أن لا يكون ثمَّة جدار فاصل بينها وبين المسجد ، أو بينهما جدار مشترك ، أي أن جدار المسجد وجدار الحمامات واحد .
ففي هذه الحالة تكره الصلاة في هذا المسجد ، والأفضل أن تهدم الحمامات ، وتُبعد عن جدار المسجد .
قال شيخ الإسلام : " ولا فرق عند عامة أصحابنا بين أن يكون الحش في ظاهر جدار المسجد ، أو في باطنه .
واختار ابن عقيل أنه إذا كان بين المصلي وبين الحش ونحوه حائل مثل جدار المسجد لم يكره.
والأول هو المأثور عن السلف ، وهو المنصوص ، حتى قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب : في رجل حفر كنيفاً إلى قبلة المسجد : يهدم .
وقال في رواية المروذي في كنيف خلف قبلة المسجد : لا يصلى إليه" .
انتهى من " شرح العمدة" (4/482).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم : " أَمرُ هذه المغاسل لا يخلو من أَمرين:
إِما أن تكون مفصولة عن المسجد بجدار مستقل بها ، منفصل عن جداره القبلي ، وهذا لا محظور فيه ، ولا بأْس بالصلاة ، ولو كانت المغاسل في قبلة المسجد ، ما دامت مفصولة عنه بجدار غير جداره .
وإِما أَن تكون متصلة به ليس بينها وبينه إِلا حائطه القبلي ، فهذا مما ذكر العلماء كراهة الصلاة إِليه ، إِذ قد جاء النهي عن الصلاة إِلى مواضع ومنها المراحيض ، ما لم يكن حائل ولو كمؤخرة رحل ، ولا يكفي حائط المسجد ، لكراهة السلف رحمهم الله الصلاة في مسجد في قبلته حُش .
وعلى هذا فينبغي فصل هذه المغاسل عن جدار المسجد بحائط مستقل بها ، منفصل عن حائط المسجد المذكور " انتهى من " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (2/139) .
الثاني : أن يكون لكل منهما جدار مستقل ، فللمسجد جداره الخاص ، وللحمامات والمراحيض جدارها المستقل ، فلا كراهة حينئذ.
قال شيخ الإسلام : " لا تزول الكراهة حتى يُفصل بين الحش وبين قبلة المسجد ، .. ومتى كان بين الحش وبين حائط المسجد حائط آخر جازت الصلاة إليه ".
انتهى من" شرح العمدة" (4/483).
قال ابن رجب : " ونقل حرب عن إسحاق ، أنه كره الصلاة في مسجد في قبلته كنيف ، إلا أن يكون للكنيف حائط من قصب أو خشب غير حائط المسجد ... وإن كان الكنيف عن يمين القبلة أو يسارها ، فلا بأس ". انتهى من " فتح الباري " (2/230).
وعلى هذا فالأولى أن يوضع لهذه المراحيض جدار يفصلها عن جدار المسجد ، فإن لم يمكن ذلك ولم يحصل أذى من هذه المراحيض على المسجد والمصلين ، فلا كراهة للصلاة فيها ؛ لأن الكراهة تزول مع الحاجة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب