الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

اشتراط التحاكم إلى المحاكم الأجنبية عند تحميل أغلب برامج الكمبيوتر

175930

تاريخ النشر : 31-07-2012

المشاهدات : 9250

السؤال


عند تحميل أغلب برامج الكمبيوتر تظهر شروط الاتفاقية قبل إتمام عملية التحميل، ومن هذه الشروط أنه في حالة التنازع فإنه سوف يتم التحاكم أمام محاكم البلد الأجنبي الكافر ، وفقا لقوانين ذلك البلد.
فهل يجوز لي الموافقة صوريا على تلك الشروط للحصول على البرنامج مع عدم معرفتي لتلك القوانين ؟ ، وما إذا كانت موافقة أم مخالفة لشرعنا ؟ مع بغضي وكرهي لكافة القوانين التي تصادم شرعنا والمحاكم التي تحكم بتلك القوانين، كذلك فأنا لا أنوي إطلاقا التحاكم إلى تلك المحاكم إلا لضرورة ، كما أنني لا أنوي إساءة استخدام البرنامج مما يعرضني للتنازع واللجوء إلى المحاكم مما يجعل نسبة تحقق ذلك الشرط ضئيلة جدا .

الجواب

الحمد لله.


لا يجوز التحاكم إلى المحاكم الوضعية التي تحكم بغير الشريعة إلا عند الاضطرار لذلك ، مع كراهة القلب لذلك ، والاقتصار على أخذ الحق دون زيادة . وينظر : سؤال رقم (92650) .

وهذه البرامج إن احتاج إليها الإنسان ، وكانت مجانية ، أو كانت مشتراة ، لكن لا تظهر الشروط إلا بعد الشراء ، فلا يلزمه قراءتها ، ولا يضره الموافقة عليها ؛ لأنها لا تكون ملزمة حينئذ .
وكذلك إن كانت الشروط عند العقد ، وتضمنت الشرط الفاسد ، واضطر للمعاملة ، أو احتاج إليها حاجة ماسة ، مع عزمه على عدم ارتكاب مخالفة توجب مقاضاته إلى تلك المحاكم ، فلا حرج في الموافقة عليها .
وقد يستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في قصة بريرة : ( خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلاءَ فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ الله أَوْثَقُ وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ) رواه البخاري (2168) ومسلم (1504) .
فجوّز لها النبي صلى الله عليه وسلم أن توافق على الشرط الباطل الذي لن تلتزم به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما ما دل عليه الحديث : فأشكل عليهم من جهتين . من جهة أن الرسول كيف يأمر بالشرط الباطل ، والثاني من جهة أن الشرط الباطل كيف لا يفسد العقد ، وقد أجاب طائفة بجواب ثالث ذكره أحمد وغيره ، وهو أن القوم كانوا قد علموا أن هذا الشرط منهي عنه ، فأقدموا على ذلك بعد نهي النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان وجود اشتراطهم كعدمه ، وبين لعائشة أن اشتراطك لهم الولاء لا يضرك ، فليس هو أمرا بالشرط ؛ لكن إذنا للمشتري في اشتراطه إذا أبى البائع أن يبيع إلا به ، وإخبارا للمشتري أن هذا لا يضره ، ويجوز للإنسان أن يدخل في مثل ذلك .
فهو إذنٌ في الشراء مع اشتراط البائع ذلك ، وإذنٌ في الدخول معهم في اشتراطه لعدم الضرر في ذلك ، ونفس الحديث صريح في أن مثل هذا الشرط الفاسد لا يفسد العقد ، وهذا هو الصواب . وهو قول ابن أبي ليلى وغيره ، وهو مذهب أحمد في أظهر الروايتين عنه ...
وأما إن كان المشترط لمثل هذا الشرط الباطل جاهلا بالتحريم ، ظانا أنه شرط لازم ، فهذا لا يكون البيع في حقه لازما ، ولا يكون أيضا باطلا ، وهذا ظاهر مذهب أحمد ؛ بل له الفسخ إذا لم يعلم أن هذا الشرط لا يجب الوفاء به " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 338).
وعليه : فإذا احتاج الإنسان للمعاملة ، ولم يبذلها صاحبها إلا بالشرط الفاسد ، فالذي يظهر والعلم عند الله تعالى ، أنه يجوز حينئذ الموافقة على الشرط ، إذا كان يعلم ، أو يغلب على ظنه أنه لن يُلزم به .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب