السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

تقييد الأذكار والأدعية بعدد معين لم تأت به النصوص من البدعة .

259482

تاريخ النشر : 18-12-2016

المشاهدات : 60527

السؤال

هل ذكر في مكان ما في القرآن أو الحديث أن بعض الأدعية ينبغي تكرارها لعدد (مُعَيّن) ، أو في وقت خاص في اليوم للحصول على أكبر قدر من الاستفادة ؟ مثلاً : قراءة دعاء قضاء الدين وقت المغرب والفجر 7 مرَّات للحصول على أكبر قدر من الاستفادة ، عما إذا قاله في أوقات أخرى من اليوم . أنا شخصياً أعتقد بأنه يمكن للشخص قراءة أي سورة ، أو آيات ، أو أدعية بالكمِّ الذي يريد وفي أي وقت خلال اليوم ، هل أنا مصيب في هذا؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
الأذكار والأدعية التي جاءت في القرآن والسنة نوعان : مقيد ، ومطلق .
فمن المقيد : أن تكون مقيدة بوقت ، كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ ، والأذكار التي تقال بعد الصلاة .. ونحو ذلك .
ومن المقيد أيضا : أن تكون مقيدة بعدد ، كالتسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلاة ، أو قبل النوم ... ونحو ذلك .
فهذا النوع يلتزم فيه المسلم الوقت الذي جعل له ، أو العدد الذي قيد به في السنة ، ولا يخالف ذلك ، متى كان حريصا على تحقيق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونيل الثواب المترتب على هذا الذكر .

النوع الثاني من الأذكار والأدعية : المطلق ، وهو ما ورد في القرآن والسنة الترغيب في قوله بدون تقييد ذلك بوقت أو عدد ما .
فهذا ، للمسلم أن يقوله في أي وقت شاء ، وبأي عدد شاء .
ولكن ليس له أن يحوله من مطلق إلى مقيد ، فيلتزم أن يقوله في وقت محدد لا يقوله في غيره .
أو يلتزم أن يقوله بعدد محدد لا يزيد عليه ولا ينقص منه .
فإن هذا التقييد لما ورد مطلقا مخالف لما سنه لنا النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوقع المسلم في البدعة من حيث لا يشعر .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" الأصل في الأذكار والعبادات التوقيف وألا يعبد الله إلا بما شرع، وكذلك إطلاقها أو توقيتها وبيان كيفياتها ، وتحديد عددها فيما شرعه الله من الأذكار والأدعية ، وسائر العبادات ، مطلقا عن التقييد بوقت أو عدد أو مكان أو كيفية، لا يجوز لنا أن نلتزم فيه بكيفية أو وقت أو عدد، بل نعبده به مطلقا كما ورد.
وما ثبت بالأدلة القولية أو العملية تقييده بوقت أو عدد أو تحديد مكان له أو كيفية، عبدنا الله به على ما ثبت من الشرع له " انتهى .
وينظر السؤال رقم : (3927)، (88102)، (128455) .

ثانيا :
أما دعاء قضاء الدين ، فإنك لم تذكر أي دعاء تقصد ، وقد ورد في ذلك بعض الأحاديث .
منها : ما رواه أبو داود (1555) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : " دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ ، فَقَالَ : ( يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ؟ ) ، قَالَ : هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ : ( أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ )
قَالَ : قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .
قَالَ : قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ) ، قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي " .
وهذا حديث ضعيف. ضعفه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (376/2) بقوله : غريب . وضعفه ـ أيضا ـ الألباني في "ضعيف سنن أبي داود ."
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (197480) ، ورقم : (71183) .

ومع ضعف الحديث ، بالصيغة الواردة سابقا، والقصة المذكورة : فهو مقيد بوقت ، وهو الصباح والمساء ، إلا أنه مطلق من حيث العدد ، فتقييده بسبع مرات ، ليس في السنة النبوية ما يدل عليه .

ونعود ، فننبه هنا : إلى أن هذا الدعاء ، من غير القصة المذكورة ، ومن غير تقييد لا بعدد ، ولا بوقت : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء به ، بل ثبت عنه أنه كان يكثر منه :
روى البخاري في صحيحه (6369) عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) .
فيشرع الدعاء بهذا الدعاء النبوي الشريف ، بل والإكثار منه ، لكن من غير أن تقيد ذلك بصباح أو مساء ، أو تجعله في وقت معين ، أو بعدد معين ؛ بل أكثر منه في صلواتك ، وخلواتك ، وتهجدك ، ونحو ذلك .

ومنها ما رواه الترمذي (3563) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ : " إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي .
قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ، عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا ، أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟
قَالَ : قُلْ : (اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) .
والحديث : حسنه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار" (4/127) ، وحسنه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (266) .
وهو مطلق من حيث الوقت والعدد .

فما ذكرته صحيح بالنسبة لهذا الدعاء ، فللمسلم أن يدعو به في أي وقت يشاء ، وبالعدد الذي يريده .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب