الحمد لله.
أولا :
التسمية شرط لحل الذبيحة ، لا تسقط سهوا ولا جهلا ، على الراجح من أقوال أهل العلم ، وانظر السؤال رقم : (85669)
ثانيا :
تحل ذبيحة الكتابي (اليهودي والنصراني) بشرطين :
الأول : أن يذبح الذبيحة كما يذبحها المسلم ، فيقطع الحلقوم والمريء ، وينهر الدم ، فإن كان يقتلها بالخنق أو الصعق الكهربائي أو الإغراق في الماء ، فلا تحل ذبيحته ، وكذلك المسلم لو فعل ذلك ، لم تحل ذبيحته .
الثاني : ألا يذكر عليها اسم غير الله تعالى ، كاسم المسيح أو غيره ؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) الأنعام/121 ، وقوله في المحرمات : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ) البقرة/173 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” والمراد به هنا ما ذكر عليه اسم غير الله عند ذبحه ، مثل أن يقول : ” باسم المسيح ” ، أو ” باسم محمد ” ، أو ” باسم جبريل ” ، أو ” باسم اللات ” ، ونحو ذلك ” انتهى من تفسير سورة البقرة .
ويدخل في التحريم : ما ذبحوه تقربا للمسيح أو للزهرة ، ولو لم يذكروا عليه اسم غير الله ، فهذا محرم أيضا .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” وأما ما ذبحه أهل الكتاب لأعيادهم وما يتقربون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون هداياهم وضحاياهم متقربين بها إلى الله تعالى ، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح والزهرة ، فعن أحمد فيها روايتان أشهرهما في نصوصه أنه لا يباح أكله وإن لم يسم عليه غير الله تعالى ، ونقل النهي عن ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر …” انتهى من “اقتضاء الصراط المستقيم” (1/251).
ثالثا:
إذا ذبح المسلم أو الكتابي ذبيحة ، ولم يُدر أذكر اسم الله عليها أم لا ، فيجوز الأكل منها ، ويسمي من أكل ؛ لما روى البخاري (2057) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” ولا يلزم السؤال عما ذبحه المسلم أو الكتابي كيف ذبحه ، وهل سمى عليه أو لا ؟ بل ولا ينبغي ، لأن ذلك من التنطع في الدين ، والنبي صلى الله عليه وسلم أكل مما ذبحه اليهود ولم يسألهم . وفي صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن قوما يأتوننا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ، فقال : ( سموا عليه أنتم وكلوه ) قالت : وكانوا حديثي عهد بكفر . فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأكله دون أن يسألوا مع أن الآتين به قد تخفى عليهم أحكام الإسلام ، لكونهم حديثي عهد بكفر ” انتهى من رسالة في أحكام الأضحية والذكاة ، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
رابعاً :
بناء على ما سبق ، فمن سافر إلى بلاد غير مسلمة ، وكان الغالب على من يذبح فيها أنهم نصارى أو يهود ، فإنه يحل له الأكل من ذبائحهم ، إلا إن علم أنهم يصعقون الذبيحة أو يسمون عليها باسم غير الله ، كما سبق .
وإن كان الذابح وثنيا أو شيوعيا ، فإنها لا تحل ذبيحته .
وحيث كانت الذبيحة محرمة ، فإنه لا يجوز الأكل منها بحجة الاضطرار ، ما دام أن الإنسان يجد ما يحفظ به حياته ، من أكل الأسماك أو البقوليات ونحوها .
وقال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله : ” ما يعرض من اللحوم في بلاد الكفار أنواع :
أما السمك فهو حلال بكل حال لأن حله لا يتوقف على تذكيته ولا على التسمية .
وأما بقية الأنواع فإن كان الذين ينتجون اللحوم من شركات أو أفراد هم من أهل الكتاب من اليهود أو النصارى ولا يعرف من طريقتهم أنهم يقتلون الحيوان بالصعق الكهربائي ، أو الخنق ، أو ضرب الحيوان على رأسه مثل ما هو معروف في الغرب فهذه اللحوم حلال ، قال تعالى : ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) . وإن كانوا يقتلون الحيوان ببعض هذه الطرق فاللحوم حرام لأنه حينئذ تكون من المنخنقة والموقوذة ، وإن كان الذين ينتجون اللحوم من غير اليهود والنصارى فاللحوم التي يعرضونها حرام ، قال تعالى : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) . فعلى المسلم أن يجتهد في اجتناب الحرام البين واتقاء المشتبهات حرصا على سلامة دينه ، وسلامة بدنه من التغذي بالحرام ” انتهى .
والله أعلم .
تعليق