الحمد لله.
عن ابن مسعود قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) .
رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
وجاء : أي وقاية من الوقوع في الفاحشة .
وقد اختلف العلماء في معنى " الباءة " هنا على قولين ، فقال بعضهم : إنها القدرة على مؤن النكاح [أي : تكاليفه ونفقاته] ، وقال آخرون : إنها القدرة على الجماع ، ولا منافاة بينهما ، فيكون المعنى : من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤونته فليتزوج .
قال النووي :
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِالْبَاءَةِ هُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ يَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنَى وَاحِد أَصَحّهمَا : أَنَّ الْمُرَاد مَعْنَاهَا اللُّغَوِيّ وَهُوَ الْجِمَاع , فَتَقْدِيره : مَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاع لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنه وَهِيَ مُؤَن النِّكَاح فَلْيَتَزَوَّجْ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاع لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنه فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ لِيَدْفَع شَهْوَته , وَيَقْطَع شَرّ مَنِيّه , كَمَا يَقْطَعهُ الْوِجَاء اهـ .
" شرح مسلم " ( 9 / 173 ) .
وقال ابن القيم :
وقوله " من استطاع منكم الباءة فليتزوج " : فسرت الباءة بالوطء ، وفسرت بمؤن النكاح ، ولا ينافي التفسير الأول إذ المعنى على هذا مؤن الباءة .
" روضة المحبين " ( ص 219 ) .
وقال شيخ الإسلام :
وَاسْتِطَاعَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَئُونَةِ لَيْسَ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَطْءِ , فَإِنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْقَادِرِ عَلَى فِعْلِ الْوَطْءِ , وَلِهَذَا أُمِرَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصُومَ فَإِنَّهُ وِجَاءٌ اهـ الفتاوى الكبرى (3/134) .
تعليق