الحمد لله.
هذا الحديث لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وله عن أنس ثلاث طرق كلها ضعيفة. الأول :
1- من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، ولفظه : ( أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ ثُمَّ تَرَكَهُ ، وَأَمَّا فِى الصُّبْحِ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا ) .
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3/110) ومن طريقه الدارقطني في "السنن" (2/39)، وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/312) مختصرا، والبزار (556 – من كشف الأستار) وأحمد في "المسند" (3/162)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/143) والحاكم في "الأربعين" وعنه البيهقي في "السنن" (2/201) .
وأبو جعفر الرازي اسمه عيسى بن ماهان الرازي ، ضعفه كثير من أهل العلم .
" قال أحمد بن حنبل : ليس بقوي فى الحديث . وقال يحيى بن معين : يكتب حديثه ولكنه يخطىء . وقال عمرو بن علي : فيه ضعف ، وهو من أهل الصدق ، سيىء الحفظ . وقال أبو زرعة : شيخ يهم كثيرا . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن حبان : كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير ، لا يعجبنى الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات . وقال العجلي : ليس بالقوي " انتهى باختصار من تهذيب التهذيب (12/57)
الثاني : من طريق إسماعيل المكي وعمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس ولفظه :
( قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان – وأحسبه قال : رابع - حتى فارقتهم ) .
أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/243) والدارقطني في "السنن" (2/40) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/202) .
وإسماعيل بن مسلم المكي وعمرو بن عبيد المعتزلي كل منهما ضعيف ، لا يحتج بحديثه ، وهذه أقوال العلماء فيهما :
إسماعيل بن مسلم المكي : جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (1/332) :
" قال أحمد بن حنبل : منكر الحديث . وقال ابن معين : ليس بشىء . وقال علي بن المديني : لا يكتب حديثه . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث مختلط ، قلت له : هو أحب إليك أو عمرو بن عبيد ؟ فقال : جميعا ضعيفان . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن حبان : ضعيف يروى المناكير عن المشاهير ويقلب الأسانيد " انتهى باختصار .
وعمرو بن عبيد المعتزلي : متروك الحديث ، وكان يكذب على الحسن ، جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (8/62) :
" قال ابن معين : ليس بشيء . وقال عمرو بن علي : متروك الحديث ، صاحب بدعة . وقال أبو حاتم : متروك الحديث . وقال النسائى : ليس بثقة ، ولا يكتب حديثه . وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة ، عن يونس بن عبيد : كان عمرو بن عبيد يكذب فى الحديث . وقال حميد : لا تأخذ عن هذا شيئا فإنه يكذب على الحسن . وقال ابن عون : عمرو يكذب على الحسن " انتهى باختصار .
الثالث : من طريق دينار بن عبد الله خادم أنس عن أنس ولفظه :
( ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" (3/386) : " أخرجه الخطيب في "كتاب القنوت" له ، وشنع عليه ابن الجوزي بسببه ؛ لأن دينارا هذا قال ابن حبان فيه : " يروي عن أنس آثارا موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيه " انتهى .
وقد حكم جماعة من العلماء على هذا الحديث بأنه ضعيف ، لا يصح الاحتجاج به . منهم : ابنُ الجوزي في "العلل المتناهية" (1/444) ، وابن التركماني في "تعليقه على البيهقي" ، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/374) ، وابن القيم في "زاد المعاد" (1/99) ، والحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/245) ، ومن المتأخرين الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1/1238)
أما حكم قنوت الفجر في غير النوازل ، فقد سبق بيان حكمه في جواب السؤال رقم (20031) وأن الراجح فيه قول أبي حنيفة وأحمد ، بعدم المشروعة ، إذ لم يثبت من طريق صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم استمر على قنوت الفجر حتى فارق الدنيا .
والله أعلم .
تعليق