الأربعاء 10 جمادى الآخرة 1446 - 11 ديسمبر 2024
العربية

الحيلة والخداع في الحرب

السؤال

هل يُجيز الإسلام الحيلة والخداع في الحروب ؟ وهل مثل ذلك الغدر والخيانة ؟.

الجواب

الحمد لله.

 حرم الله تعالى الغدر وذمَّ فاعله فقال تعالى : " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون " الأنفال 56 .

وقال صلى الله عليه وسلم : " لكل غادر لواء يوم القيامة يُعرف به " رواه البخاري (6966) ومسلم (1736).

وأخرج البخاري عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : "  أَرْبَعُ خِلاَلٍ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا " رواه البخاري (3178) ومسلم (58) .

وعن مالك قال : بلغني أن عبدالله بن عباس قال : ما ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو.الموطأ / باب ما جاء في الوفاء بالعهد .

ومع هذا التنفير من الغدر جَوَّزَ الشرع الخداع في الحرب لتحقيق الظفر. قال النووي رحمه الله :" اتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب كيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل ".

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الحرب خدعة " رواه البخاري (3029) ومسلم (58) ، ومن الخديعة في الحرب مفاجأة العدو وأخذه على غِرَّة قبل أن يستعد للقتال .

ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يبعث بسرايا كثيرة فيوصيهم بالسير ليلاً والاستخفاء نهاراً حتى يباغتوا عدوهم .

ومع جواز الخداع في الحرب إلا : أن الإسلام قد بلغ شأواً عالياً في الالتزام بالوفاء بالعهد ومنع استعمال المعاريض والحيل التي تنافي ذلك ومن روائع الأمثلة :

أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل جيش كان بعثه : " قد بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج ( وهو الكافر غير العربي ) حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع يقول : لا تخف فإذا أدركه قتله ، وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحداً فعل ذلك إلا ضربت عنقه " .

وعن أبي مسلمة قال : قال عمر بن الخطاب والذي نفسي بيده لو أن أحدكم أشار إلى السماء بإصبعه إلى مشرك ثم نزل إليه على ذلك ثم قتله لقتلته به .

فالإسلام حرم الغدر ، والغدر ليس من أبواب الحيلة والخداع الجائز في الحروب .

فالشريعة الإسلامية فرقت بين ما يجوز من وسائل الحيلة وما ينطوي على الغدر ونقض العهد .

أنظر العلاقات الخارجية في دولة الخلافة 197.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد