الحمد لله.
قبل الجواب عن السؤال نقول : إن المسلم مأمور بغض بصره عما حرَّم الله عليه ، قال الله تعالى : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 ، ولله عز وجل من وراء هذا التوجيه الحكمة البالغة ، فإنه سبحانه رحيم بعباده روؤف بهم ، فجاء شرعه بما يرفع عنهم العنت والمشقة وأسباب العذاب النفسي والبدني، ومن المعلوم أن العَين رسول القلب وبريده ، فإذا ما أرسلها صاحبها وقلّبها في الصور الجملية تعلق قلبه بتلك الصور ، وانطبعت فيه ، ثم في أكثر الأحوال لا يستطيع الوصول إلى ما أحبه فيشقى ويتعب وصدق الشاعر حين قال :
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً **** لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر**** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
فجاء الشرع الحنيف بقطع أسباب هذا العناء ، فأمر بغض الأبصار ، فعلى المسلم امتثال هذا الأمر ليرضي ربه وليريح نفسه .
والصواب ما أشرت إليه في سؤالك من أن من اشتهى شيئاً وأحبه فإن عليه أن يمنع نفسه من الوصول إليه إلا من الطريق التي أباحها الله عز وجل ، وأن يجعل هواه تبعاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك من خصال المؤمن.
أما عن خصوص السؤال فالجواب : أنه يجوز الدعاء للكافر بالهداية ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، فقد ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( دعا لقبيلة دوس بالهداية فقال : ( اللهم اهد دوساً ) رواه البخاري (2937) ومسلم (2524)
وروى الترمذي (5/82) عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ( كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم : يرحمكم الله ، فيقول : يهديكم الله ويصلح بالكم ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في "فتح الباري" (10/604) : " حديث أبي موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت ، لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال وهو الشأن ، ولا مانع من ذلك " انتهى.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في "الآداب الشرعية" (1/368)، وهو يتكلم عما يجوز وما لا يجوز الدعاء به للكافر قال: " وأما الدعاء بالهداية ونحوها فهذا جوازه واضح " انتهى .
وينبغي للداعي أن يحسن نيته بهذا الدعاء بأن يقصد تحقيق مرضاة الله بإسلام هذه المرأة ونجاتها من عذاب الله ونحو ذلك من المقاصد الحسنة ، ولا بأس أن ينوي مع ذلك الزواج بها.
والله أعلم.
تعليق