الأحد 2 جمادى الأولى 1446 - 3 نوفمبر 2024
العربية

أوصت بحرمان ابنها الأكبر من ميراثها لأنها زوجته من مالها

104346

تاريخ النشر : 26-08-2007

المشاهدات : 9571

السؤال

امرأة ماتت وتركت مبلغا من المال وبعضا من الذهب وقبل موتها أوصت بأن لا يعطي ابنها الأكبر من مالها لأنها زوجته من مالها ، وقالت : يكفي أني زوجته ..والفلوس والذهب تقاسموها فيما بينكم ولا تعطوا ابني الأكبر شيئا لأنه قد أخذ حقه .. فهل ننفذ وصيتها....أم نعطي ابنها الأكبر قسمته ... وهل نقسم المال في الوقت الحالي أم ننتظر الأبناء الصغار حتى يكبروا ..لأنهم حاليا ما زالوا قصر .. وأيضا الأبناء والبنات الكبار يطالبوننا بالقسمة الآن .. فما هو الحل ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
هذه الوصية المتضمنة حرمان الابن الأكبر من الميراث ، لا تجوز ولا تصح ، لما فيها من تعدي حدود الله ، والمضارة بأحد الورثة ، وقد قال تعالى : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ) النساء/12
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " أي : لتكون وصيته على العدل لا على الإضرار والجور والحيف بأن يحرم بعض الورثة أو ينقصه ، أو يزيده على ما قدر الله له من الفريضة ، فمن سعى في ذلك ، كان كمن ضاد الله في حكمته ، وقسمته " انتهى .
ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنه : " الإضرار في الوصية من الكبائر ".
قال الحافظ في الفتح : رواه سعيد بن منصور موقوفا بإسناد صحيح ، ورواه النسائي ورجاله ثقات .
وتزويج الأم لابنها عمل صالح ، ولا يلزمها أن تعطي لبقية إخوانه نظير ما دفعته من المال ، بل من احتاج منهم للزواج في حياتها زوجته ، ومن الخطأ ما يفعله بعض الناس إذا زوج ولدا من أولاده أن يوصي للبقية بمال ، ويظن هذا من العدل ، ومثله ما حصل هنا من المرأة المسئول عنها ، فإنها أرادت حرمان ولدها من التركة ، ظنا منها أن ذلك من العدل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا يجوز للإنسان أن يفضل بعض أبنائه على بعض إلا بين الذكر والأنثى فإنه يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) فإذا أعطى أحد أبنائه 100 درهم وجب عليه أن يعطي الآخرين مائة درهم ويعطي البنات 50 درهما ، أو يرد الدراهم التي أعطاها لابنه الأول ويأخذها منه ، وهذا الذي ذكرناه في غير النفقة الواجبة ، أما النفقة الواجبة فيعطي كلا منهم ما يستحق ، فلو قدّر أن أحد أبنائه احتاج إلى الزواج ، وزوّجه ودفع له المهر لأن الابن لا يستطيع دفع المهر فإنه في هذه الحال لا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج إلى الزواج ودفع له المهر لأن التزويج من النفقة ، وأود أن أنبه على مسألة يفعلها بعض الناس جهلا ؛ يكون عنده أولاد قد بلغوا النكاح فيزوجهم ، ويكون عنده أولاد آخرون صغار ، فيوصي لهم بعد موته بمثل ما زوج به البالغين وهذا حرام لا يجوز لأن هذه الوصية تكون وصية لوارث والوصية لوارث محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) ، فإن قال : أوصيت لهم بهذا المال لأني قد زوجت إخوتهم بمثله ، فإننا نقول إن بلغ هؤلاء الصغار النكاح قبل أن تموت فزوجهم مثلما زوجت إخوتهم ، فإن لم يبلغوا فليس واجبا عليك أن تزوجهم " انتهى من فتاوى إسلامية ( 3 / 30 ) .
والحاصل : أنه لا يجوز أن يوصى الإنسان لبقية الأبناء بمبالغ لزواجهم ، ولا أن يحرم من سبق تزويجه ، من ميراثه كله أو من بعضه ؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى ومن الإضرار في الوصية .
والواجب قسمة التركة على جميع الورثة ، كل يأخذ نصيبه الشرعي منها .
ثانياً :
وأما مطالبة بعض الورثة بقسمة التركة ، فهذا حقهم ، فيجب إجابتهم لذلك ، وأما الصغار ، فيحفظ لهم مالهم ، وينفق عليهم منه ، فإذا بلغوا وكانوا راشدين أعطوا ما تبقى من أموالهم ، لقول الله تعالى : (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) النساء/6.
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب