الحمد لله.
أولا :
لا يجوز فتح مواقع أو أقسام للغناء والطرب ولا لأخبار المغنيين والفنانين والأفلام ونحوها ، لما في ذلك من نشر المنكرات والدعاية والإعانة عليها .
وقد دلت الأدلة الصحيحة على تحريم استماع الموسيقى ، وتحريم الاختلاط ، وكشف العورات في الواقع أو في الأفلام ونحوها ، وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (5000) ورقم (1200)
وعليه ؛ فالواجب إنكار هذه المنكرات ومحاربتها ، لا تشجيعها ولا الدلالة أو الإعانة عليها ، ومن أعان على المنكر أو دل عليه كان شريكا لفاعله في الإثم .
قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم (4831) .
ثانيا :
تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والطير والحيوان ، ووضع ذلك في المنتديات ، أو الاحتفاظ بها للذكرى ، لا يجوز ؛ لعموم الأدلة في تحريم التصوير ، ولعن فاعله ، وانظر جواب السؤال رقم (22660) ، (8954) .
ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان لضرورة أو حاجة ماسة ، كصور إثبات الشخصية ونحوها .
ويدخل ضمن التصوير المحرم رسم الصور الكرتونية المتخيلة أو المشوهة لذوات الأرواح ؛ لما روى مسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ ، وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ .
والدُّرنوك : هو نوع من الستائر .
فدل الحديث على المنع من تصوير ذوات الأرواح ، ولو كان ذلك بصور خيالية غير موجودة في الواقع ، لأنه لا يوجد في الواقع خيل لها أجنحة .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) : " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح ، سواء كان نحتا ، أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق ، أم كان نسيجا ، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز ، وسواء كان للشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جمل أو شوه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي. فمناط التحريم كون ما صور من ذوات الأرواح ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها ، وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس.. إلخ، وذلك لعموم النصوص ، ولما فيها من المضاهاة ( يعني لخلق الله ) ، ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى .
ثالثا :
وضع صور النساء في المنتديات ، عمل قبيح ، لما فيه من استعمال التصوير المحرم ، ولما فيه من إثارة الفتن وتهييج الشهوات ، والواجب على القائمين على الموقع أن يمنعوا ذلك ؛ لأن إنكار المنكر وإزالته واجب على من قدر عليه ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49) .
وتعذر البعض بقولهم : "لم نجبر أحداً على إضافة صور النساء في المواضيع والتواقيع والصور الشخصية" لا يفيدهم ؛ لأنهم مأمورون بإنكار المنكر كما سبق .
وإذا وضع المشارك صورة محرمة ، أثم بذلك ، وأثم من سكت عن إزالة المنكر ، من مشرفٍ أو مسئول ، وقد حلت اللعنة ببني إسرائيل لقعودهم وسكوتهم عن إنكار المنكر بينهم ، كما قال تعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) المائدة/78، 79
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عاقبة السكوت على المنكر هي الهلاك العام ، والعقوبة العامة ، كما روى البخاري (2493) عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا ، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ ، فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا ، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا ، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا ، جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا ) .
فوصيتنا لأصحاب المواقع والمنتديات والمشرفين عليها أن يتقوا الله تعالى ، وأن يضعوا الضوابط التي تمنع الأعضاء من نشر المنكرات أو الترويج لها ، وأن يزيلوا كل منكر ينشر في مواقعهم ؛ لأنهم مسئولون عن ذلك ، وألا تحملهم الرغبة في تكثير المشاركين على تجاوز حدود الله ، والمشاركة في الإثم بإقراره والسكوت عليه .
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق