الحمد لله.
الربيبة هي ابنة الزوجة من غير زوجها الحالي ، وهي من المحرمات تحريما مؤبدا عليه إذا كان قد دخل بأمها ، وهذا يعني أنها قد أصبحت من محارمه .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/367) :
" إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها حرم عليه تحريما مؤبدا التزوج بإحدى بناتها أو بنات أولادها مهما نزلوا ، سواء كن من زوج سابق أو لاحق ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ - إلى قوله - : وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) النساء/23 .
والربيبة هنا : بنت الزوجة ، ويعتبر محرما لبنات من تزوجها ودخل بها ، ويجوز لهن ألا يحتجبن منه " انتهى .
وسبق تقرير هذه المسألة في جواب السؤال رقم (20750) ، (33711) .
أما حقوق كل من الربيبة وزوج أمها وواجباتهما تجاه بعضهما ، فتتلخص في الصلة والاحترام وحسن المعاملة ، فقد أُمر المسلمون جميعا بالإحسان إلى إخوانهم المسلمين ، فكيف بالمحارم بسبب المصاهرة ، لا شك أن لهم من حق الإكرام والعناية أكثر مما لعموم المسلمين.
غير أن النفقة والخدمة والطاعة لا تجب بينهما ، فلا تأخذ الربيبة حكم أمها في هذه الأمور من حيث الوجوب الشرعي ، فإن أحسن الزوج وأنفق على ربيبته ، وبادلته هي بالإحسان إحسانا فقامت على بيته بالخدمة والرعاية كان الأفضل والأحسن ؛ لأن اجتماع القلوب وتآلف النفوس مقصد تحرص الشريعة على تحقيقه وتحصيله .
وليعلم الزوج أن من حسن عشرته لزوجته : أن يحسن إلى ابنتها . ولتعلم البنت أن من برها لأمها : أن تكرم زوجها وتحسن إليه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله (25/365) :
" يرجى لمن عال غير البنات : من الأخوات ، والعمات ، والخالات ، وغيرهن من ذوي الحاجة ، فأحسن إليهن ، وأطعمهن ، وسقاهن ، وكساهن ، أن يحصل له من الأجر مثل ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حق من عال ثلاث بنات ، وفضل الله واسع ، ورحمته عظيمة ، وهكذا من عال واحدة أو اثنتين من البنات أو غيرهن فأحسن إليهن يرجى له الأجر العظيم والثواب الجزيل ، كما يدل على ذلك عموم الآيات والأحاديث في الإحسان إلى الفقير والمساكين من الأقارب وغيرهم ، وإذا كان هذا الفضل في الإحسان إلى البنات ، فالإحسان إلى الأبوين أو أحدهما أو الأجداد أو الجدات أعظم وأكثر أجرا ؛ لعظم حق الوالدين ووجوب برهما والإحسان إليهما ، ولا فرق في ذلك بين كون المحسن أبا أو أما أو غيرهما ؛ لأن الحكم مناط بالعمل . والله ولي التوفيق " انتهى .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (25/296) :
كيف تكون هناك روابط أسرية اجتماعية في البيت المسلم ؟
فأجابت :
" أمر الله بالمحافظة على ما تقوى به الروابط بين أفراد الأسر وجماعاتها ، فأمر بصلة الأرحام والإحسان إليهم فقال سبحانه : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) وقال : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى ) الآية ، وقال : ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) الآيات ، وقال : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) الآيات ، إلى أمثال ذلك من آيات القرآن .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الجنة قاطع ) يعني : قاطع رحم ، رواه البخاري ومسلم .
وقال: ( من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ في أثره فليصل رحمه ) رواه البخاري . وقال : ( إن الله حرم عليكم : عقوق الأمهات ، ووأد البنات... ) الحديث ، رواه البخاري ومسلم ، إلى غير ذلك من الأحايث الكثيرة في الحث على صلة الأرحام ، والتمسك بآداب الإسلام ، ومكارم الأخلاق ، والمحافظة على حسن العشرة ، فبهذا تقوى الروابط بين الأسر وأفراد الأسرة ، ويجتمع كل المسلمين ، لا بالتفسخ والخروج على آداب الإسلام ومكارم الأخلاق " انتهى .
والله أعلم .
تعليق