الحمد لله.
أولا:
النفاس: هو الدم الذي يخرج من الرحم بسبب الولادة إما معها أو بعدها.
ولا حد لأقله، وإنما المعتبر وجود الدم ، فلو كانت ولادتها عارية عن الدم فلا نفاس عليها.
وهذا مذهب الأئمة الأربعة.
فمتى طهرت المرأة من النفاس وجب عليها الاغتسال وتصلي وتصوم ولو كان ذلك بعد أيام من ولادتها ، " لأنه لم يرد في الشرع تحديده، فيرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد قليلاً وكثيراً " قاله ابن قدامة في "المغني" (1/428).
ثانيا:
اختلف العلماء في أكثر مدة النفاس، فقيل أكثره ستون يوما، وقيل خمسون، وقيل لا حد لأكثره.
وأقرب الأقوال أن أكثر مدة نفاس المرأة أربعون يوماً وليلة.
لحديث أم سلمة رضي الله عنها:
( كانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ) رواه أبو داود (139) وصححه الحاكم وحسنه النووي وغيره ، وقال الألباني: حسن صحيح .
وعن ابن عباس قال:
"النفساء تنتظر نحواً من أربعين يوماً". أخرجه ابن الجارود في المنتقى (119) بسند صحيح.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
قال الترمذي في جامعه (1/ 258):
"وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي، فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء". انتهى
"وقد حكى الإمام أحمد ذلك عن عمر، وابن عباس، وأنس، وعائذ بن عمرو، وعثمان بن أبي العاص، وأم سلمة، ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف.
وقال إسحاق: هو السنة المجتمع عليها، وقال الطحاوي: لم يقل بالستين أحد من الصحابة، وإنما هو قول من بعدهم.
ولأن الأربعين هي المدة التي ينتقل فيها الإنسان من خلق إلى خلق". انتهى من "شرح العمدة" لابن تيمية - كتاب الطهارة (ص: 517)
وقال ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار:
"وليس في مسألة أكثر النفاس موضع للاتباع والتقليد إلا من قال بالأربعين، فإنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم فأين المهرب عنهم دون سنة ولا أصل " . انتهى من "الاستذكار" (1/ 355).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" إذا رأت المرأة النفساء الطهر قبل تمام الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ، ولزوجها جماعها . فإن استمر معها الدم بعد الأربعين فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرة ؛ لأن الأربعين هي نهاية مدة النفاس في أصح قولي العلماء.
ويعتبر الدم الذي معها بعد الأربعين دم فساد حكمه حكم دم الاستحاضة ، إلا إن صادف عادتها فإنها تعتبره حيضا تدع له الصلاة والصوم ويحرم على زوجها جماعها ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/417) .
والله أعلم
تعليق