الحمد لله.
أولا :
إذا أسقطت الحامل جنينها بشرب دواء أو نحوه ، بعد أن تم له أربعة أشهر ، ففيه الدية باتفاق العلماء ، والكفارة عند بعضهم .
والدية هنا : غُرّة ، عبد أو أمة ، فإن لم توجد ، فقدرها من الإبل : خَمْسٌ ، لأن دية الجنين عشر دية أمه ، ومعلوم أن دية الحرة المسلمة خمسون من الإبل ، فتكون دية الجنين خمسا من الإبل .
وهذه الدية تلزم كل من باشر إسقاط الجنين ، فيشترك فيها الطبيب والمرأة إذا أخذت دواء يساعد على الإسقاط ، وتدفع الدية إلى ورثة الجنين ؛ إلا أن قاتله لا يأخذ منها شيئا .
ودليل ذلك ما روى البخاري (6910) ومسلم (1681) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا : غُرَّةٌ : عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ ، وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا) .
وأما الكفارة ، فقد ذهب إلى وجوبها الشافعية والحنابلة .
وكفارة القتل : عتق رقبة ، فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين .
وإذا كان الإجهاض قبل أربعة أشهر ، فهو محرم ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (42321) إلا أنه لا كفارة فيه ولا دية ، لأنه لم تنفخ فيه الروح .
ثانيا :
إذا اجتمع في الحادثة آمر ومباشر ، كالرجل يأمر الطبيب بإجراء عملية الإجهاض ، أو يأمر المرأة بشرب الدواء ، فالضمان (الدية والكفارة) يكون على المباشر ، لا على الآمر . انظر : "مطالب أولي النهى" (6/50).
وبهذا يتبين أن والدك لا يلزمه شيء غير التوبة ، فإن الدلالة على الإجهاض والأمر به منكر ظاهر ، فعليه التوبة إلى الله ، والندم على ما فعل ، والإكثار من الأعمال الصالحة من الصدقة وغيرها ، لعل الله تعالى يتوب عليه ، فإن الله تعالى قال : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82 .
والله أعلم
تعليق