الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم الاشتراك في المسابقات عن طريق الاتصال بالرقم 700

106601

تاريخ النشر : 29-08-2007

المشاهدات : 31609

السؤال

ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تتطلب الاتصال بالرقم 700 ، وتكون قيمة الاتصال أكثر من القيمة المعتادة ، وكيف أتصرف لو فزت بالجائزة ؟

الجواب

الحمد لله.


المسابقات التي تجرى على الرقم (700) هي من صريح القمار ، وما هي إلا صورة جديدة من صور الميسر الذي حرمه الله تعالى في كتابه ، وقرن تحريمه بالخمر التي هي أم الخبائث قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90، 91 .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "الفروسية" (308) : فقرن الميسر بالأصنام والأزلام والخمر ، وأخبر أن الأربعة رجس من عمل الشيطان ، ثم أمر باجتنابها ، وعلق الفلاح باجتنابها ، ثم نبه على وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها ، وهي ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة والبغضاء ، ومن الصد عن ذكر الله ، وعن الصلاة" انتهى .
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا ، فقال رحمه الله تعالى في "الفتاوى" (32/237) :
"فتبين أن (الميسر) اشتمل على مفسدتين : مفسدة في المال وهي أكله بالباطل . ومفسدة في العمل ، وهي ما فيه من مفسدة المال وفساد القلب والعقل وفساد ذات البين وكل من المفسدتين مستقلة بالنهي ، فينهى عن أكل المال بالباطل مطلقاً ولو كان بغير ميسر كالربا ، وينهى عما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء ولو كان بغير أكل مال ، فإذا اجتمعا عظم التحريم : فيكون الميسر المشتمل عليهما أعظم من الربا ، ولهذا حرم ذلك قبل تحريم الربا . . .
والمعين على الميسر كالمعين على الخمر ، فإن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان . وكما أن الخمرة تحرم الإعانة عليها ببيع أو عصر أو سقي أو غير ذلك ؛ فكذلك الإعانة على الميسر : كبائع آلاته ، والمؤجر لها ؛ بل مجرد الحضور عند أهل الميسر كالحضور عند أهل الخمر ..." انتهى باختصار .
وحقيقة الميسر هي دفع مال على سبيل المخاطرة ، فإما أن يربح أكثر مما دفع ، وإما أن يخسر المال الذي دفعه .
قال الماوردي رحمه الله عن الميسر :
"هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أَخَذ ، أو غارماً إن أَعْطَى" انتهى من " الحاوي الكبير" (15/192) .
وهذا هو الذي يحدث في هذه المسابقات ، فإن المتصل إما أن يخسر قيمة الاتصال ، وإما أن يأخذ أكثر منها في حالة فوزه بالجائزة .
وأما الجهة التي تقيم هذه المسابقات (المقامرات) ، وتتاجر بأحلام المتسابقين وأمانيهم وتخدعهم ، فعليها إثمان :
إثم نشر المنكر والدعوة إليه .
وإثمُ أكل أموال الناس بالباطل . وكل ما ربحته من هذه المسابقات فهو سحت ، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به .
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى ، وأن يجتنب الدخول في هذه المسابقات .
ومن أخذ شيئاً من جوائز هذه المسابقات ، فعليه أن يتخلص منها بصرفها في أوجه البر .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ظهرت في الآونة الأخيرة إعلانات في الشوارع والصحف المحلية تدعو إلى الاتصال بأرقام تبدأ بالرقم (700) تخص شركات متنوعة لتمكّن المتصل عليها من إرسال أغنية هدية لشخص آخر، أو تمكّن المتصل عليها من الاشتراك في مسابقة لها جوائز مالية ، علماً بأن المتصل بهذه الأرقام يرصد عليه في فاتورة هاتفه قيمة الاتصال بها وتتفاوت قيمة الدقيقة من شركة إلى أخرى من 5 إلى 10 ريالات . وقد يستغرق حل بعض المسابقات عشر دقائق . والسؤال هو : ما حكم المشاركة تجاه هذه الخدمة الجديدة ؟
فأجابوا : "لا يجوز الاتصال لطلب استماع الأغاني أو إهدائها ، لأن استماع الأغاني محرّم لما فيه من الفتنة والصد عن سبيل الله. قال الله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6، ولهو الحديث من الأغاني كما قال به ابن مسعود وغيره من الصحابة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) والمعازف : آلات اللهو بأنواعها مما يستخدم مع الغناء لأجل الطرب، وقوله: "يستحلون" يدل على أنها محرمة، وقد قرنها مع الزنى والخمر وهما محرمان بالإجماع ، وكذلك الحرير محرّم على الرجال ، فدل ذلك على تحريم الأغاني وآلاتها. فيجب منع الشركة من هذه الدعاية والإنكار عليها ، لأن هذا من الدعوة إلى الباطل ، وإشاعة المنكر بين الناس ، والمجاهرة به ، نسأل الله العافية.
وكذلك لا يجوز الدخول في المسابقات المذكورة لأنها من القمار ، ومن أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسل: (لا سَبَق إلا في نصل أو خف أو حافر) والسَّبَق معناه : أخذ الجائزة على المسابقة ، وقد منع منه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، عبد الله بن عبد الرحمن الغديان ، صالح بن فوزان الفوزان، أحمد بن علي سبر المباركي ، عبد الله بن علي الركبان ، عبد الله بن محمد المطلق.
والنصل : السهم . والخف : المقصود به البعير (الإبل) . والحافر : الخيل .
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين ، كمسابقات القرآن والحديث والفقه ، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب