الحمد لله.
جاء في الحديث الصحيح عن ناجية بن كعب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : إن عمك الشيخ الضال قد مات ( يقصد أباه أبا طالب ) فمن يواريه ؟ قال : ( اذهب فوار أباك ( الخطاب لعلي بن أبي طالب ) قال : لا أواريه ، إنه مات مشركاً ، فقال : اذهب فواره ثم لا تحدثن حتى تأتيني ، فذهبت فواريته ، وجئته وعلي أثر التراب والغبار فأمرني فاغتسلت ، ودعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شيء ) .
السلسلة الصحيحة للألباني رقم 161
قال الشيخ في التعليق على الحديث :
1- أنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك وأن ذلك لا ينافي بغضه إياه لشركه ، ألا ترى أن عليّاًرضي الله عنه امتنع أول الأمر من مواراة أبيه معللاً ذلك بقوله : " إنه مات مشركأً " ظناً منه أن دفنه مع هذه الحالة قد يدخله في التولي الممنوع في مثل قوله تعالى : " لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم " فلما أعاد صلى الله عليه وسلم عليه الأمر بمواراته بادر لامتثاله ، وترك ما بدا له أول الأمر ، وكذلك تكون الطاعة : أن يترك المرء رأيه لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويبدو لي أن دفن الولد لأبيه المشرك أو أمه هو آخر ما يملكه الولد من حسن صحبة الوالد المشرك في الدنيا ، وأما بعد الدفن فليس له أن يدعو له أو يستغفر له لصريح قوله تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ) ، وإذا كان الأمر كذلك ، فما حال من يدعو بالرحمة والمغفرة على صفحات الجرائد والمجلات لبعض الكفار في إعلانات الوفيات من أجل دريهمات معدودات ! فليتق الله من كان يهمه أمر آخرته .
2- أنه لا يُشرع له غسل الكافر ولا تكفينه ولا الصلاة عليه ولو كان قريبه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك علياً ، ولو كان ذلك جائزاً لبينه صلى الله عليه وسلم ، لِما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز . وهذا مذهب الحنابلة وغيرهم .
3- أنه لا يُشرع لأقارب المشرك أن يتبعوا جنازته لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك مع عمه وقد كان أبر الناس به وأشفقهم عليه حتى أنه دعا الله له حتى جعل عذابه أخف عذاب في النار ، ...
وفي ذلك كله عبرة لمن يغترون بأنسابهم ، ولا يعملون لآخرتهم عند ربهم ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) .
السلسلة الصحيحة للألباني ص 94.
تعليق