الحمد لله.
كتاب " فضائل الأعمال " واسمه القديم الذي طبع به أولا : " تبليغي نصاب " ، لمؤلفه : محمد زكريا الكاندهلوي ، عبارة عن أبواب منوعة في فضائل الأعمال ، كتبها مؤلفها لتكون مرجعا لجماعته " جماعة التبليغ " ، فأصبح هذا الكتاب عمدتهم ، يقرؤونه في مجالسهم ، ويدرسونه في مدارسهم ومساجدهم ، وهو مكتوب باللغة الأوردية ، لذلك لم ينتشر في البلاد العربية ، وإنما في البلاد التي تنتشر فيها جماعة التبليغ كالهند والباكستان والأفغان .
قال الشيخ حمود التويجري في "القول البليغ" (ص/11) :
" وأهم كتاب عند التبليغيين كتاب "تبليغي نصاب" الذي ألفه أحد رؤسائهم المسمى : محمد زكريا الكاندهلوي ، ولهم عناية شديدة بهذا الكتاب ، فهم يعظمونه كما يعظم أهل السنة " الصحيحين " وغيرهما من كتب الحديث .
وقد جعل التبليغيون هذا الكتيب عمدة ومرجعا للهنود وغيرهم من الأعاجم التابعين لهم ، وفيه من الشركيات والبدع والخرافات والأحاديث الموضوعة والضعيفة شيء كثير ، فهو في الحقيقة كتاب شر وضلال وفتنة " انتهى .
ويقول الشيخ شمس الدين الأفغاني في كتابه "جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية" (2/776) :
" لكبار أئمة الديوبندية كتب يقدسها الديوبندية ، وهي مكتظة بالخرافات القبورية والوثنيات الصوفية ، نحو : - وذكر كتبا منها - " تبليغي نصاب " أي : نصاب التبليغ ومنهج التبليغ . وهؤلاء الديوبندية لم يعلنوا البراءة من هذه الكتب ، ولا حذروا منها ، ولا أوقفوا طباعتها ، ولا منعوا بيعها ولا شراءها ، وأسواق الهند وباكستان وغيرها مكتظة بها " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 2/97) :
" السؤال : أنا رجل مسلم أعيش في بريطانيا ، أرغب في اتباع منهج أهل السنة والجماعة في جميع أمور حياتي ، وبناء على هذا أحاول قراءة كتب دينية بالأردية ، وأثناء قراءتي لبعض الكتب الدينية المؤلفة من العالم الشهير والبارز الهندي والمنتسب إلى جماعة التبليغ الديوبندية ، اسمه : الشيخ محمد زكريا كاندهلوي شيخ الحديث ، وجدت في كتابه المسمى : ( تبليغي نصاب ) على الصفحة رقم/113 ، في الفصل الخامس ، قصة نقلها المؤلف من كتاب اسمه : ( رونق المجالس ) ، حيث ذكر قصة التاجر الذي مات وقسم ميراثه بين ابنيه ، وقد ترك المتوفى إلى جانب المال الكثير شعر رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذ الابن الأصغر شعر رأس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتنازل عن ماله الذي كان يستحقه من وراثة أبيه في حق أخيه الكبير ، والذي حصل أن الذي أخذ المال قد أفلس بعد قليل ، والذي أخذ الشعر صار غنيا ، وبعد وفاة الأخ الصغير الذي لديه شعر رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، رأى بعض الصالحين النبي صلى الله عليه وسلم في منامه ، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له : ( من له حاجة فعليه أن يذهب إلى قبر هذا الأخ الصغير ، ويدعو الله سبحانه وتعالى عند قبره لاستجابة دعائه ) نقلا عن كتاب ( تبليغي نصاب ) .
وكذلك قرأت كتابا آخر اسمه ( تاريخ مشائخ جثت ) للمؤلف السالف ذكره الشيخ : محمد زكريا في صفحة رقم ( 232 ) ، حيث ذكر في هذا الكتاب ، مرة الشيخ حاجي إمداد الله مهاجر مكي كان في مرض موته ، فزاره أحد معتقديه وحزن على حاله التي كان هو فيها ، فعرف الشيخ حزنه عليه ، فقال : ( لا تحزن ، إن الزاهد العابد لا يموت ، بل ينتقل من مكان إلى مكان آخر ، وإنه يقضي حاجة الناس وهو في قبره ، كما كان يقضي حاجتهم في حياته ) ، نقلا من كتاب :
( تاريخ مشائخ جثت ) .
والمطلوب أحب أن أسمع عن آرائكم الرشيدة في حق كل من ذكر . وكذلك :
أ - هل هو يبقى مسلما - أي : المؤلف - وراوي القصة بعد هذه العقيدة التي ظهرت لنا من خلال كتبه وكلامه ، بينوا لنا مستدلين بالكتاب والسنة ؟
ب - إذا لم يبق مسلما ، فما الدليل من الكتاب والسنة على خروجه من الملة ؟
فكان الجواب :
" ما نقل في هذه الكتب مما ذكر في السؤال من البدع المنكرة ، والخرافيات التي لا تستند إلى حقيقة شرعية ، ولا إلى أصل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا يقول بذلك ولا يعتقده إلا من انتكست فطرته ، وعميت بصيرته ، وضل سواء السبيل .
وادعاء أن شعر الرسول لا يزال موجودا ، وأن من حازه سبب له الغنى ، وادعاء رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالدعاء عند قبر هذا الرجل - كل ذلك كذب وافتراء لا دليل عليه ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الشيطان لا يتمثل بي ) – متفق عليه - فكيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بدعاء الله عند القبور ، وقد نهى عن ذلك في حياته ، وحذر منه أشد التحذير ، ونهى عن الغلو في الأنبياء والصالحين والتوسل بهم بعد موتهم ، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا وقد أتم الله به الدين ، وأكمل به النعمة ، فلا يزاد على ما شرعه ولا ينقص منه ، واعتقاد أن الدعاء يستجاب عند القبور بدعة لا أصل لها في الشرع المطهر ، وقد تؤول بصاحبها إلى الشرك الأكبر إذا دعا المقبور من دون الله أو معه ، أو اعتقد النفع والضر في المقبور ، فإن النافع الضار هو الله سبحانه .
وكذلك اعتقاد أن الزاهد العابد لا يموت ، بل ينتقل من مكان إلى مكان آخر ، وأنه يقضي حاجات الناس في قبره ، كما كان يقضي حاجاتهم في حياته - اعتقاد فاسد من معتقدات الصوفية المنحرفة ، ولا دليل على ذلك ، بل دلت الآيات والأحاديث الصحيحة على أن كل إنسان في هذه الدنيا يموت ، قال الله تعالى : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/30 ، وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء/34 ، ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) الأنبياء/35 .
كما دلت الأحاديث الصحيحة أن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث : علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ، أو صدقة جارية ، وأن الميت في قبره لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، ومن كانت هذه حاله فإنه لا يملك ذلك لغيره من باب أولى ، ولا يجوز طلب قضاء الحاجات إلا من الله وحده فيما لا يقدر عليه إلا الله ، وطلبها من الأموات شرك أكبر ، ومن اعتقد غير ذلك فقد كفر كفرا أكبر يخرجه من الملة والعياذ بالله ، لإنكاره الأدلة الثابتة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك ، وعليه أن يتوب من ذلك توبة نصوحا ، ويعزم على عدم العودة لذلك العمل السيئ ، وأن يتبع ما عليه السلف الصالح أهل السنة والجماعة ليفوز برضا الله وجنته ويسلم من عذابه " انتهى .
كما جاء في "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" (1/322) :
" يعتمدون – يعني جماعة التبليغ – في اجتماعاتهم في البلاد العربية على القراءة من " رياض الصالحين " ، وفي البلاد الأعجمية على القراءة من " حياة الصحابة " ، و " تبليغي نصاب " والأخير مليئ بالخرافات والأحاديث الضعيفة " انتهى.
والخلاصة أن أهل العلم تتابعوا على التحذير من كتاب " تبليغي نصاب " واسمه الآخر " فضائل الأعمال "، فلا يجوز لعامة المسلمين القراءة فيه ، بل عليهم العناية بكتب السنة الصحيحة ، والكتب التي يتبع مؤلفوها منهج أهل السنة والجماعة ، أما الكتب التي تحوي الخرافة والكذب ، فلا ينبغي أن يكون لها محل في قلب المسلم ولا في عقله .
والله أعلم .
تعليق