الحمد لله.
من يعمل في الهندسة تخطيطاً ، أو إشرافاً ، أو صيانة ، لا يخلو عمله من ثلاث حالات :
الأولى : أن تكون مشاركته في أبنية محرمة ، كالبنوك ، ومصانع الخمور ، والقرى السياحية ، والكنائس ، وما يشبه ذلك من أماكن المعصية أو الكفر ، فحكم هذا الفعل واضح بيِّن ، وهو التحريم ، ونعني به تحريم جميع أنواع المشاركات في قيام بنائه ، وهو داخل في التعاون على الإثم والعدوان ، وقد نهى الله تعالى عنه فقال : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (47513 ) .
الثانية : أن تكون مشاركته في أبنية شرعية أو مباحة ، كالمساجد ، والمساكن ، والفنادق التي لا تستعمل في معصية الله ، وحكم هذا : الإباحة ، ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم .
والثالثة : أن تكون مشاركته في أبنية أو أمكنة تجمع الحلال والحرام ، كبناء مدينة متكاملة ، فيها المساجد والمساكن ، وفيها الكنائس والبنوك وأماكن السياحة ، وحكم هذا : أنه لا يحل له الاشتراك في تخطيط الأماكن المحرمة ، ولا الإشراف عليها ، ولا صيانتها ، ويحل له ما كان منها أماكن وأبنية مباحة الإنشاء والوجود .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 82292 ) .
وما قلناه عن عمل " المهندس " ينطبق على " المحاسب " ، و " العامل " ، وغيرهما ممن يعملون في القطاع العام أو الخاص ، وممن يتعرضون في عملهم لمهام فيها حرام ، مع كون أصل عملهم مباحاً ، فلا حرج عليه من المشاركة في العمل المباح الذي لا حرام فيه ، وعليه اجتناب العمل المحرم ، فلا يشارك فيه بوجه من الوجوه ، وإذا خشي ألا يتمكن من اجتناب الحرام ، فالذي ينبغي له ترك هذا العمل ، والبحث عن عمل حلال لا حرام فيه .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أمامي فرصة للعمل في مكاتب المحاسبين والمراجعين الماليين ، والتي تقوم - من بين أعمالها الطبيعية - بمراجعة وتسوية حسابات شركات التأمين ، والبنوك الربوية ، وغير الربوية ، وكذا الإشراف على حسابات الملاهي ، وشركات السياحة الفندقية ، فهل يجوز لي شرعا التقدم لشغل وظيفة بها أحصل منها على راتب شهري ؟ علماً بأن مؤهلي يتناسب مع تلك الوظيفة .
ملحوظة : ومعلوم لدي أن هذه المكاتب لا تقتصر أعمالها على شركات التأمين ، والبنوك الربوية ، والشركات السياحية ، والملاهي ، بل تشرف أيضا حسابيّاً على شركات الاستثمار التجارية ، والمهن الحرة الشريفة البحتة ، مثل : الأطباء ، والمهندسين ، والمعلمين ، وذوي الحرف اليدوية ، لذا أرجو إجابة فضيلتكم على سؤالي هذا حتى يطمئن قلبي وأقر بالاً .
فأجابوا :
"إذا كان واقع المكاتب التي تريد العمل بها كما ذكرت ، من قيامها بمراجعة ، وتسوية حسابات شركات التأمين ، والبنوك الربوية ، والإشراف على حسابات الملاهي : فلا يجوز لك العمل لديها في هذه الأمور ؛ لأن العمل فيها تعاون مع أهلها على الإثم والعدوان ، قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2 .
أما إن كان عملك سيكون في غير ما ذكر ، من الأشياء المباحة ، كحسابات أصحاب المهن الحرة ، والأطباء : فلا بأس بذلك ، والأولى الابتعاد خشية المشاركة في الأعمال المحرمة المذكورة آنفاً" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 6 ، 7 ) .
والله أعلم
تعليق