الحمد لله.
اسم هذا الكتاب كاملا هو : " فتح الملك المجيد المؤلف لنفع العبيد وقمع كل جبار عنيد " ، ويسمى اختصارا بـ " مجرَّبَات الديربي " ، ومؤلفه هو : أحمد بن عمر الديربي ، المتوفى سنة 1151هـ ، ترجمته في "الأعلام" للزركلي (1/188) .
وموضوع كتابه هذا في مُجَرَّبَات العلاج بالذكر والقرآن ، حيث عقد فيه ستة وثلاثين بابا يبين فيها فوائد بعض السور والآيات والأذكار والأسماء الحسنى في علاج كثير من الأمراض ، وتغيير بعض الأحوال ، يزعم في مقدمته أنه جمع هذه الفوائد من : " التعاليق التي بخطوط العلماء ، ومن الكتب الجليلة "
ولكن الواقع خلاف ذلك :
فقد اطلعنا على الكتاب المذكور ، فلم نجد فيه شيئا منقولا عن أهل العلم من السلف الصالحين والفقهاء والمحدثين ، بل وجدناه مليئا بالأمور الباطلة ، وكثير من الكتب التي تحمل هذا العنوان " المُجَرَّبات " هي على الشاكلة نفسها ، مليئة بالخرافات والأباطيل التي لا يجوز للمسلم أن يعتقد صحتها ، فضلا عن أن يعمل بها .
وخلاصة المآخذ عليه في أمور ثلاثة :
1- دعوى نفع آيات أو أذكار أو كلمات أو أسماء معينة في شفاء أمراض معينة لا يثبت إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة ، وليس لأحد نسبة ذلك إلى دين الله ، وإلا يكون مقتحما أبواب البدعة المنكرة .
2- استعمال كثير من الكلمات غير المفهومة ، بحيث يخشى أن تحتوي على معاني باطلة ، أو ذرائع شركية .
3- عدم ذكر أدلة المجربات المذكورة ، ولا من جربها ، ولا في كم حالة جربت ونفعت ، فالتجربة لا يثبت نجاحها إلا إذا نفعت في أكثر الحالات المطبقة ، وهذا يحتاج إلى دراسة علمية منهجية ، وليس مجرد دعاوى لا يدرى صدق مدعيها من عدمه : وهذا مأخذ في غاية الأهمية .
ولذلك فلا نعد هذا الكتاب إلا ضمن كتب الخرافة ، ولا نرى جواز شرائه ولا قراءته فضلا عن العمل بما فيه لأحد من المسلمين ، بل ينبغي على المسلم حفظ ماله من الضياع فيما لا يفيد ، والواجب على جميع المسلمين الغيرة على دينهم أن ينسب إليه ما ليس منه مما لا تقبله العقول السليمة ، ولم ترد به الأدلة الصحيحة .
وقد أفتى العلماء قديما بحرمة شراء الكتب المشتملة على العلوم المحرمة ، والمؤسسة على الضلالة والغواية ، بل أفتوا بحرمة النظر والمطالعة فيها إلا لعالم يريد نقدها والجواب عليها.
يقول ابن بطة العكبري في "الشرح والإبانة" (ص/361) :
" ومن البدع النظر في كتب العزائم والعمل بها " انتهى.
ويقول ابن القيم في "زاد المعاد" (5/761) :
" وكذلك الكتب المشتملة على الشرك وعبادة غير الله ، فهذه كلها يجب إزالتها وإعدامها ، وبيعها ذريعة إلى اقتنائها واتخاذها ، فهو أولى بتحريم البيع من كل ما عداها ، فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها في نفسها " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" المجموعة الثانية/ (2/198) :
" السؤال : أرفق لفضيلتكم ثلاثة كتيبات هي : ( حرز الجوشن ) ، و ( مجربات الديربي ) و ( أسماء أهل بدر ) .
فما حكم قراءتها والعمل بها ، وما هي نصيحتكم لمن يصر على التعامل معها ؟
والجواب :
بعد اطلاع اللجنة على الكتب المذكورة وجد أنها تحتوي على شركيات وأدعية مبتدعة وطلاسم وتوسل بالصالحين ، وعلى هذا فهي كتب لا يجوز اقتناؤها ، ولا العمل بما فيها ، بل يجب إتلافها والابتعاد عنها للسلامة من شرها .
وهناك - ولله الحمد - من الأدعية الصحيحة النافعة ما يكفي المسلم ، ونحيل في ذلك على كتاب ( الوابل الصيب ) لابن القيم ، و ( الكلم الطيب ) لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و ( الأذكار ) للإمام النووي ، وفيها الخير الكثير ولله الحمد " انتهى.
والله أعلم .
تعليق