الحمد لله.
أولا :
نشكر لك هذا التوضيح والبيان ، ونسأل الله تعالى لك المزيد من التوفيق والعون .
ثانيا :
الصلاة أمرها عظيم ، وشأنها كبير، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد أمر الله تعالى بالمحافظة عليها وأدائها في أوقاتها ، كما قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا ) رواه البخاري (527) ومسلم (85).
وحذّر سبحانه من التفريط في الصلاة وتضييعها فقال : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 .
قال ابن مسعود رضي الله عنه عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم.
وقال تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/ 4، 5 .
فالواجب أن يعتني الإنسان بصلاته ، وأن يؤديها في وقتها إلا إذا وجد عذر يبيح له جمع الصلاتين .
والسجود ركن من أركان الصلاة لا يجوز للقادر أن يتركه ، ولا تصح صلاة من تركه بغير عذر ، وكذلك الجلوس بين السجدتين ، والجلوس للتشهدين وللسلام ، كل ذلك من أركان الصلاة التي لا تصح بدونها .
وقد تبين من كلامك وفقك الله أنه يمكنك وضع شيء على الأرض يقيك من الجراثيم ، ويكفي أن يأذن لك المسئول المباشر باستعمال هذه الأغطية ، وإذا كانت الحكومة توفر هذه الأغطية لعملك ، فإن من مسؤوليات الحكومة أن توفر لك مكاناً آمناً تصلين فيه ، لا سيما وعملك هذا من الأهمية بمكان ، لتلك الحكومة ولغيرها ، ولذلك لا نرى حرجاً من استعمال هذه الأغطية في الصلاة بعد إعلام المسئول المباشر بذلك .
فإن تعذر الحصول على هذه الأغطية ، فنرى أن تضعي القناع على وجهك ، وتحسني الظن بالله وتتوكلي عليه فإنه لن يصيبك مكروه إن شاء الله ، إلا إذا كان خوفك من الجراثيم في هذه الحالة خوفاً حقيقاً له أساس صحيح يبنى عليه ، وليس مجرد وساوس أو مبالغة في الخوف والحذر .
وإذا وجدت فرصة للخروج من غرفتك لأداء الصلاة ، ففي هذا خروج من الحرج كله ، فلن تحتاجي إلى أغطية أو قناع ، وما يلحقك من مشقة في ارتداء الملابس ونزعها ، أمر ينبغي أن تصبري عليه ، ولن يضيع أجرك عند الله تعالى .
وإذا قُدّر انشغالك بتجربة تستغرق وقت الصلاة ، جاز لك جمع الصلاة إلى ما يجوز أن تجمع إليه ، تقديما أو تأخيرا ، ولا يخفى عليك أن ما يجوز جمعه هو الظهر مع العصر ، والمغرب مع العشاء فحسب .
وصلاتك في هذه الحالة تعتبر في وقتها لأنه إذا وجد العذر الذي يبيح الجمع بين الصلاتين فإنه يجعل وقت الصلاتين وقتاً واحداً .
وبهذا يتبين لك أن جميع الأمور المذكورة من استعمال الأغطية والقناع والخروج من الغرفة والجمع بين الصلاتين ، كل ذلك مقدم على ترك السجود على الأرض ، بل لا نرى لك – والحال ما ذكرت- جوازَ ترك السجود على الأرض ؛ لعدم وجود العذر الملجئ إلى ذلك .
واعلمي أن من اتقى الله تعالى وفّقه وسدده ، ويسر له أمره ، فإذا حرصت على أداء الصلاة كما أمرك الله ، فستجدين السبيل إلى ذلك بإذنه سبحانه .
ونسأل الله أن يزيدك علما وفقها وهدى .
والله أعلم .
تعليق