الحمد لله.
"[اللحم] الوارد من دول غير إسلامية إذا كان الذين يباشرون ذبحه من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فإنه يجوز أكله ، ولا ينبغي السؤال عن كيفية ذبحه ، ولا هل سَمُّوا عليه أم لا ؟ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الشاة التي أهدتها إليه اليهودية في خيبر ، وأكل من الطعام الذي دعاه إليه يهودي ، وكان فيه إهالة سنخة ، وهي الشحم المتغير ، ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف ذبحوه ؟ ولا هل سموا عليه أم لا ؟
وفي صحيح البخاري : (أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا ، فَقَالَ : سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ . قَالَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا راوية الحديث : وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ) .
ففي هذه الأحاديث دليل على أنه لا ينبغي السؤال عن كيفية الواقع إذا كان المباشر له معتبر التصرف ، وهذا من حكمة الشرع وتيسيره ؛ إذ لو طلب من الناس أن ينقبوا عن الشروط فيما يتلقونه من صحيح التصرف لكان في ذلك من المشقة والحرج النفسي مما يجعل الشريعة شريعة حرج ومشقة .
أما إذا كان المذبوح قد أتى من دولة أجنبية والذين يباشرون ذبحه ممن لا تحل ذبيحتهم كالمجوس وعبدة الأوثان ومن لا يدينون بدين فإنه لا يحل أكله ، لأن الله تعالى لم يبح من أطعمة غير المسلمين إلا طعام الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود والنصارى .
وإذا شككنا في أن الذابح ممن تحل ذبيحته أم ممن لا تحل ذبيحته فإنه لا بأس به ، [يعني : إذا كان أكثر أهل البلد ممن تحل ذبيحتهم] .
وقد قال الفقهاء رحمهم الله : (إذا وجدت ذبيحة منبوذة في مكان يحل الذبح من أكثر أهله فهي حلال) إلا أنه في هذه الحالة ينبغي أن يتجنب إلى ما لا شك فيه .
ومثل هذا : لو أتى لحم من تحل ذبائحهم ، وكان بعضهم يذبح على طريقة شرعية ينهر فيها الدم بحد وليس بسن ولا ظفر ، وبعضهم يذبح على غير الطريقة الشرعية ، والأكثر على الطريقة الأولى الشرعية ؛ فإنه لا بأس بأكل ما أتى منه عملاً بالأكثر ، ولكن الأولى أن يتجنبه تورعاً" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 255، 256) .
تعليق