الحمد لله.
إذا زنت المرأة وهي متزوجة فلا ينفسخ نكاحها ولا تطلق بمجرد وقوعها في هذه المعصية ، لكن .. يؤمر زوجها إذا لم تتب وأصرت على هذه الفاحشة أن يطلقها ، حفاظاً على عرضه ، وأولاده .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وإن زنت امرأة رجل , أو زنى زوجها , لم ينفسخ النكاح , سواء كان قبل الدخول أو بعده , في قول عامة أهل العلم . وبذلك قال مجاهد وعطاء والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي ... ولكن أحمد استحب للرجل مفارقة امرأته إذا زنت , وقال : لا أرى أن يمسك مثل هذه . وذلك أنه لا يؤمن أن تفسد فراشه , وتلحق به ولدا ليس منه . قال ابن المنذر : لعل من كره هذه المرأة إنما كرهها على غير وجه التحريم , فيكون مثل قول أحمد هذا .
قال أحمد : ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض ...
والأولى أنه يكفي استبراؤها بالحيضة الواحدة" انتهى بتصرف .
"المغني" (9/565) .
وقال في "كشاف القناع" (5/2) :
"وإن زنت امرأة قبل الدخول أو بعده لم ينفسخ النكاح ، أو زنى رجل قبل الدخول بزوجته أو بعده لم ينفسخ النكاح بالزنا ، لأنه معصية لا تخرج عن الإسلام أشبه السرقة , لكن لا يطؤها حتى تعتد إذا كانت هي الزانية " انتهى بتصرف .
وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
"اعلم أن من تزوج امرأة يظنها عفيفة ، ثم زنت وهي في عصمته : أن أظهر القولين : أن نكاحها لا يفسخ ، ولا يحرم عليه الدوام على نكاحها ، وقد قال بهذا بعض من منع نكاح الزانية مفرِّقاً بين الدوام على نكاحها ، وبين ابتدائه .
واستدل من قال هذا بحديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وذَكَّر ، ووعظ ثم قال : ( استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع ، واضربوهن ضرباً غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ) .
قال الشوكاني في حديث عمرو بن الأحوص هذا : أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه ، وقال ابن عبد البر في " الاستيعاب " في ترجمة عمرو بن الأحوص المذكور ، وحديثه في الخطبة صحيح ا.هـ .
وحديثه في الخطبة هو هذا الحديث بدليل قوله " فحمد الله وأثنى عليه وذَكَّر ووعظ " ، وهذا التذكير والوعظ هو الخطبة كما هو معروف ... .
وبه تعلم أن قول من قال : إن من زنت زوجته فسخ نكاحها وحرمت عليه : خلاف التحقيق ، والعلم عند الله تعالى " انتهى .
" أضواء البيان " ( 6 / 82 ، 83 ) .
والله أعلم
تعليق