الحمد لله.
أولا :
الواجب على كل مؤمنة بالله واليوم الآخر أن تلبس الحجاب الذي يسترها عن نظر الأجانب ، فتلك فريضة محكمة أنزلها الله في كتابه ، كما قال سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59
وقال : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) النور/31
ولمعرفة صفة الحجاب الشرعي ، ينظر سؤال رقم (6991)
ثانيا :
لا يجوز لامرأة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها ، ولو كانا في نيتهما الزواج في نهاية الأمر ؛ لأن الله تعالى حرم الخلوة بالأجنبية ، والنظر إليها ، ولمسها ، وحرم خضوعها بالقول ، وهذه العلاقات لا تنفك عن شيء من هذه المحرمات .
وينظر : سؤال رقم (84089) .
وأما إن وقع في قلب امرأة حب رجل سمعت عنه ، أو رأته ، دون أن تباشر بنفسها عملا محرما نحوه من نظر أو كلام أو غيره ، فإنها لا تؤاخذ على هذا الحب ، وعليها أن تشغل نفسها بالتفكير فيما ينفعها في دينها ودنياها ، وأن تحذر من الوقوع في المعصية ، وأن تتجنب كل سبيل يؤدي إلى الفتنة .
وقولك : تجمعنا علاقة حب ، يفهم منها أن بينكما علاقة قائمة ، وليس مجرد شعور من جهتك ، فإن كان الأمر كذلك فاتقي الله تعالى ، واحذري غضبه وانتقامه ، واعلمي أنك تقدمين على أسباب الهلاك والهلكة ، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل ، وإنه سريع العقاب ، شديد الانتقام .
وما يصوره لك الشيطان من صعوبة التخلص من هذه العلاقة ، إنما هو مجرد أوهام وظنون ، فإن العلاقة يؤججها الكلام واللقاء ، فلو قطعت الصلة به ، وتركت الحديث معه ، وتجنبت رؤيته ، لأمكنك الصبر عنه وتناسيه ، حتى ييسر الله لك الزواج منه أو من غيره .
ولهذا نقول : إن علاج مشكلتك ميسور بإذن الله ، وذلك باتباع الخطوات التالية :
1- قطع كل صلة بهذا الشخص ، لقاء أو كلاماً ، ولو كان من أقرب الناس إليك ، فتجنبي رؤيته ، وتجنبي الحديث معه ، ولتُرِيهِ من نفسك أنك مؤمنة عفيفة تخاف من الله تعالى ، وتحذر العلاقات المحرمة .
2- إن كان هذا الشاب صالحا مستقيما - ومن استقامته أن يدع العلاقات المحرمة – وأمكن أن يجد وسيلة للزواج بك ، عن طريق التقدم إلى أهلك ، وإقناعهم بأمر الزواج ، وتدخّل من يصلح تدخله في هذا الأمر ، ليتم ، فهذا حسن . وإذا لم يمكن ذلك ، فما عليكما إلا الصبر والعفة والبعد عما حرم الله تعالى .
3- ارتداؤك الحجاب فريضة لازمة لك ، لا علاقة لها بهذه المسألة ، وتركك الحجاب معصية وإثم يلحقك كلما تركتيه ، فبادري بلبس الحجاب ، وبادري أيضا بقطع العلاقة المحرمة ، ولا يكن تقصيرك في هذه المسألة حاملا لك على التقصير والمعصية في مسألة الحجاب ، فإن العاقل لا يجمع ذنبا إلى ذنب ، ولا يقرن تفريطا بتفريط ، بل يبادر بفعل ما يمكن فعله من الواجبات ، وترك ما يمكن تركه من المحرمات .
4- نوصيك بترك الفراغ والبطالة ، والإقبال على ما ينفعك ، والانشغال بأعمال الطاعات من حفظ القرآن ، وطلب العلم ، وتحصيل الصحبة النافعة ، فإن الشيطان مع الوحدة والفراغ والبطالة ، والنفس إن لم تشغليها بالطاعة شغلتك بالمعصية ، كما نوصيك بترك ما يثير الشهوة ويحرك النفس إلى الحرام ، كالنظر في الأفلام والمسلسلات والصور ، عافنا الله وإياك من كل سوء ومكروه .
5- اعلمي أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، ففوضي أمرك إلى الله ، وأقبلي عليه ، وانطرحي بين يديه ، وقولي : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، ويا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك ، وسليه سبحانه أن يملأ قلبك إيمانا ويقينا ورضى ، وأن يقيك شر نفسك ونزغات الشيطان .
نسأل الله تعالى أن يحفظك بحفظه ، وأن يوفقك لطاعته ، وأن يصرف عنك الفتن ما ظهر منا وما بطن .
والله أعلم .
تعليق