الحمد لله.
أولا :
الأصل أن للمرأة الرشيدة أن تتصرف في مالها بما تحب ، ولا يلزمها إعلام زوجها ولا استئذانه في ذلك ، في قول جمهور الفقهاء ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم 4037
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي 30 صفر - 5 ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9 – 14 نيسان ( إبريل ) 2005م ما يلي :
" أولاً : انفصال الذمة المالية بين الزوجين :
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة ، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها ، ولها ثرواتها الخاصة ، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها ، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها.
...
خامساً : اشتراط العمل :
1- يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به ، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة .
2- يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد" انتهى.
لكن يستحب للزوجة أن تستأذن زوجها ، وأن تشاوره في تصرفها وألا تخالفه ؛ لما روى النسائي (3231) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : (الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ ، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا ، وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَه) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
لكن إذا شرط الزوج عند عقد النكاح إعلامه بجهات إنفاق زوجته ، وجب الوفاء بهذا الشرط ؛ لما روى البخاري ( 2721 ) ومسلم ( 1418 ) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) .
وإنما تُلزم الزوجة بالشرط إذا كانت قد علمت به ورضيت ، أو كانت فوضت وليها تفويضا مطلقا في اشتراط ما يراه مناسبا ، وأما إذا لم تفوضه في ذلك ، ولم تعلم بالشرط ، فلا يلزمها الوفاء به ، والخطأ هنا يكون من وليها الذي وافق على هذا الشرط بدون أن يعلمها به .
ثانياً :
الذي يظهر لنا أن الأمر يسير ، وما دام غرضك هو مجرد العلم بتصرفها ، فلا ينبغي أن تتشدد في ذلك ، ولا أن تفتح بابا للخلاف والشقاق ، فإذا لم تعلم الزوجة بالشرط فإن لها التصرف في مالها بمقتضى حقها الشرعي ، ولا يلزمها إعلامك ، ومعرفة الزوجين بما يجب على كل منهما للآخر أساس في حصول الألفة والسعادة بينهما ، ثم تبقى دائرة الفضل والمعروف ، وذلك بتبادل الثقة بينهما ، ومشاورة كل منهما للآخر ومشاركته في همومه ومشاغله .
وكما أن الزوجة لا يلزمها إعلام زوجها بتصرفاتها المالية ، فإنه لا يلزمه أيضا إعلامها ، لا بقدر راتبه ، ولا بجهات إنفاقه ، لكن هذا السلوك لا يرضي الزوجة ، ولا يبني حياة مستقرة سعيدة في الغالب ، ولهذا نقول : كما تحب الزوجة أن تعلم تفاصيل أمور زوجها ، فإنه يحب ذلك ، وبهذا تبنى الحياة الزوجية السعيدة التي لا ينبغي أن يكون فيها مجال للأسرار والأمور الخاصة .
فالخطاب هنا يوجه إلى الزوجين معاً : لا ينبغي أن تصل العلاقة بينكما إلى هذا الحد من التكتم والخصوصية ، فما يحصل بين الزوجين ينبغي أن يزيل ما بينهما من تكلف وحواجز ، حتى تدوم العشرة بينهما ، ويحصل ما أراده الله تعالى من المودة والرحمة والسكن .
والنصيحة للزوجة أن تحسن عشرة زوجها ، وتترك هذه التصرفات التي تشعر الزوج بأنه شخص غريب عن زوجته ، بينهما من الحواجز وفَقْد الثقة الشيء الكثير ، مما يؤثر سلبا – ولا بد - على ثقته بها ، ومعاملته لها ، ثم تتطور الأمور ويحصل ما لا يحمد عقباه ، ويندم الجميع حيث تشددوا في أمور كانت لا تستحق هذا التشدد .
نسأل الله تعالى أن يؤلف بينكما وأن يقيكما شرور النفس ونزغات الشيطان .
والله أعلم .
تعليق