الحمد لله.
أما بعد فقد قال تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) . ففي هذه الآية الكريمة دلالة على فقر العباد إلى ربهم في جميع أمورهم ، في وجودهم وبقائهم ، وفي منافعهم وسلامتهم من كل مكروه . فالله هو الواهب لذلك كله ، قال تعالى : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) وقال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) . وهو سبحانه وتعالى غنيٌ عن عباده له الملك كله وله الحمد كله ، لا يبلغ العباد نفعه ولا ضره ، لو آمنوا كلهم ما زادوا في ملكه شيئا ، ولو كفروا كلهم ما نقصوا من ملكه شيئا . وهو رب العالمين ، رب الأولين والآخرين ، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه ، كل معبود سواه باطل . فمعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله ، هذا هو الصواب في معناها وليس معناها لا خالق إلا الله ، أو لا قادر على قضاء الحوائج إلا الله ، بل هذا كله من معناها ، فالإله الحق هو الخالق لكل شيء والقادر على كل شيء . فقول هذا الشيخ أن معنى لا إله إلا الله : (هو لا أحد يقدر على قضاء الحاجات إلا الله ) إن أراد أن هذا من معناها فهو صحيح ، وإن أراد أن هذا هو المقصود منها فباطل ، فإنه لو كان المقصود منها ما قاله هذا الشيخ لما امتنع المشركون الأولون أن يقولوها حين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ؟ لأنهم يقرّون أنه لا خالق إلا الله ، ولكنهم كانوا يفهمون المعنى المقصود منها وهو لا معبود بحق إلا الله . فالله هو المعبود بحق وكل معبود سواه باطل وهذا يقتضي بطلان آلهة المشركين التي يعبدونها من دون الله ، قال تعالى : ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) . فلما كان المشركون يعلمون معناها وأنها تقتضي بطلان معبوداتهم امتنعوا أن يقولوها وتواصوا بالصبر على آلهتهم كما قال تعالى : ( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عُجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يُراد ) . وبهذا تعلم أن قول الكثيرين المخالفين لشيخك في معنى لا إله إلا الله هو الصواب .
وقول شيخك ( أن لدينا الحاجة إلى الله ...... إلى قوله هذه الحاجة غيره ) معناه ان الله وحده هو الذي يَمدّنا بالحياة وهذا حق ، ولكن ليس هو معنى لا إله إلا الله ، بل معناها لا معبود بحق إلا الله كما تقدّم . والإله الحق هو المستحق للعبادة وهو الذي يحيي ويميت ، وهو الله تعالى .
وقول شيخك ( إذا استطاع الإنسان ..........إلى قوله وأكثر الناس اليوم يعادون الصوفية ) إن أراد أنه يستغني عن الطعام والشراب دائما فهو قول باطل فإنه لا أحد من الناس يستغني دائما عن الطعام والشراب ولا الأنبياء فضلا عمّن سواهم ، وزعمه أن الصوفي يستطيع العيش بلا طعام أو شراب ، وأنّ ذكره لله يُغنيه عن ذلك دائما فهو باطل ومن ادعى ذلك منهم فهو كذاب ، فلا تغتر أيها السائل بهذا الشيخ ، فهو إما جاهل ضال وإما كذاب دجال ، فاحذر منه ومن أمثاله . نسأل الله لك الهداية والتوفيق .
تعليق