الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

طلقها طلقتين ثم خالعها فهل تحل له بعقد جديد؟

117167

تاريخ النشر : 21-04-2008

المشاهدات : 52290

السؤال

امرأة مختلعة من زوجها ؛ هل يوجد شروط لعودتها لزوجها بعد الخلع؟ وإن كانت هذه المرأة طلقها زوجها مرتين ، وقامت بالخلع من زوجها فما هي شروط عودتها لزوجها؟ هل عليها أن تعقد على رجل آخر ثم تطلق منه؟ أم يكفي أن يكون عقدا جديدا للرجوع؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
الخلع إذا لم يكن بلفظ الطلاق ، ولم ينو به الطلاق ، فهو فسخ عند جماعة من أهل العلم ، وهو قول الشافعي في مذهبه القديم ، والمذهب عند الحنابلة ، ويترتب على كونه فسخا أنه لا يحسب من الطلاق ، فمن طلق زوجته طلقتين ثم خالعها ، فله أن يرجع إليها بعقد جديد .
ومثال ذلك : أن يقول الزوج : خالعت زوجتي على كذا من المال ، أو فسخت نكاحها على كذا .
وأما إذا كان الخلع بلفظ الطلاق ، كقوله : طلقت زوجتي على عوض قدره كذا ، فإنه يكون طلاقا في قول جماهير أهل العلم . وينظر : "الموسوعة الفقهية" (19/237).
وذهب بعضهم إلى أنه يكون فسخاً أيضاً ، ولا يحسب من الطلاق ولو كان بلفظ الطلاق ، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقال : إنه المنصوص عن الإمام أحمد وقدماء أصحابه .
وينظر : "الإنصاف" (8/393).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولكن القول الراجح : أنه [يعني : الخلع] ليس بطلاق وإن وقع بلفظ الصريح ، ويدل لهذا القرآن الكريم ، قال الله عز وجل : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) البقرة/229، أي في المرتين ، إما أن تمسك وإما أن تسرح ، فالأمر بيدك ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) البقرة/229 ، إذاً هذا فراق يعتبر فداء ، ثم قال الله عز وجل : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) البقرة/230، فلو أننا حسبنا الخلع طلاقا لكان قوله : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) هي الطلقة الرابعة ، وهذا خلاف الإجماع ، فقوله : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أي : الثالثة ( فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) والدلالة في الآية واضحة ، ولهذا ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن كل فراق فيه عوض فهو خلع وليس بطلاق ، حتى لو وقع بلفظ الطلاق ، وهذا هو القول الراجح " انتهى من "الشرح الممتع" (12/467- 470).

وقال رحمه الله : " فكل لفظ يدل على الفراق بالعوض فهو خلع ، حتى لو وقع بلفظ الطلاق ، بأن قال مثلا : طلقت زوجتي على عوض قدره ألف ريال ، فنقول : هذا خلع ، وهذا هو المروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن كل ما دخل فيه العوض فليس بطلاق ، قال عبد الله ابن الإمام أحمد : كان أبي يرى في الخلع ما يراه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أي أنه فسخٌ بأي لفظ كان ، ولا يحسب من الطلاق .
ويترتب على هذا مسألة مهمة ، لو طلق الإنسان زوجته مرتين متفرقتين ، ثم حصل الخلع بلفظ الطلاق ، فعلى قول من يرى أن الخلع بلفظ الطلاق طلاق تكون بانت منه ، لا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ، وعلى قول من يرى أن الخلع فسخ ولو بلفظ الطلاق ، تحل له بعقد جديد حتى في العدة ، وهذا القول هو الراجح . لكن مع ذلك ننصح من يكتبون المخالعة أن لا يقولوا طلق زوجته على عوض قدره كذا وكذا ، بل يقولوا : خالع زوجته على عوض قدره كذا وكذا ؛ لأن أكثر الحكام (القضاة) عندنا وأظن حتى عند غيرنا يرون أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق صار طلاقا ، ويكون في هذا ضرر على المرأة ، فإن كانت الطلقة الأخيرة فقد بانت ، وإن كانت غير الأخيرة حسبت عليه " انتهى من الشرح الممتع (12/450).

وبناء على هذا القول فللزوج أن يعود إلى زوجته التي خالعها ، بعقد جديد ، لأن الخلع لا يحسب من الطلاق .
ثانياً :
يجب أن يعلم أن الزوج إذا طلق امرأته ثلاث طلقات فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ، فإن طلقها ذلك الزوج الثاني أو مات عنها ، جاز لها أن ترجع إلى زوجها الأول بعقد جديد .
ولا يجوز التحايل على هذا الحكم ، فتعقد المرأة عقداً صورياً على رجل ثم تطلق منه ، لتحل لزوجها الأول .
ولا يجوز الاتفاق مع هذا الزوج أنه متى أحلها لزوجها الأول طلقها ، فإن هذا يسمى بـ "نكاح التحليل" وهو محرم ومن كبائر الذنوب .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (109245) .
والله أعلم .

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب