الأربعاء 24 جمادى الآخرة 1446 - 25 ديسمبر 2024
العربية

بدعة تجميع مليارات من الصلاة على رسول الله بمناسبة المولد النبوي !

السؤال

أريد أن أعرف مدى مشروعية هذه الطريقة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : طريقة المشاركة بالصلاة على النبي : كل شخص يوزع على معارفه عدداًَ محدداً يكلفه بها من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يضع العدد الذي جمعه من معارفه وأصدقائه وأهله هنا ؛ لنجمع العدد من هذه الصفحة بالمشاركة ، كمثال : أحد الطلاب في الحي ذهب وطرق باب كل بيت ، وطلب من كل عائلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد 1000 أو أكثر ، وقال لهم : سأعود إليكم بعد أسبوع لكي تعطوني ما وصلتم إليه ، فمنهم من قضى الألف ، ومنهم من زاد ، وهكذا قام بجمع ما يقارب مليون ونصف من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وغيره من خلال مدرسته وزع على الطلاب كل واحد 500 مرة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فجمع من خلال ذلك 3 مليون مرة ، فأنت بإمكانك أن تكتب الموضوع في المنتديات المشارك بها ، وتجمع ممن يشاركك عدداً من الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقدمها هنا برد صغير ، داعين الله لكم بحسن التوفيق .

الجواب

الحمد لله.

كل من عرف السنَّة وأحكامها ، واستضاء بنورها ، واستظل بفيئها ، وشم رائحة الشرع والاتباع : علم أن مثل هذه الأفعال الواردة في السؤال بدعة ضلالة ، وأنه ليس بمثل هذا يكون المسلم محبّاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فأين أبو بكر والصحابة عن مثل هذا ؟ وأين سعيد بن المسيب والتابعون عن مثل هذا ؟ وأين الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الإسلام عن مثل هذا ؟ ليس يوجد عن أحدٍ من أولئك مثل ذلك الفعل ، بل ولا قريب منه .

نعم ، أمرنا الله تعالى بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم ، ورغبنا بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لكن لم يفعل أحدٍ من المحبين له على الحقيقة ، والراغبين بالأجور العظيمة لأنفسهم مثل هذا ، ولا قريباً منه .

وتضييع الأوقات في عمل جداول ، وتوزيع ذلك في المدارس ، وعلى البيوت ، وفي المنتديات : كل ذلك لا فائدة منه ، وهو هدر للعمر ؛ بل هو ضلال في الدين ، وسفه في العقل !!

وكان يمكنهم لو أنهم عرفوا معنى الاتباع أن يجعلوا هذه الجهود فيما هو مفيد ، من تعليم الناس هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الزوجات ، ومن تعليم الناس كيف يتوضؤون ، وكيف يصلون ، ومن حث الناس على ترك الربا ، والتخلف عن صلاة الجماعة ، بل ترك الصلاة بالكلية ، ومن تحذير النساء من التبرج والسفور ، وغير ذلك ، مما يمكن أن يكون له الأثر البالغ في إيصال رسالة الإسلام لطوائف وجماعات كثيرة ، تجهل هذا الهدي ، وتضل عن سواء السبيل ، ولكن أنَّى يوفّق المبتدع لهذه الأفعال الجليلة وهو ينظر بعين السخرية للاتباع الصحيح ، وبعين التجهيل للمحبة الشرعية ؟! .

وللوقوف على حكم الصلاة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انظر : جواب السؤال رقم : ( 101856 ) .

وللوقوف على معنى الصلاة والسلام عليه : انظر جواب السؤال رقم : ( 69944 ) .

وقد وقع هؤلاء القوم في بدع متعددة ، أو في بدعة من وجوه متعددة ، ومن ذلك :

1. أنهم جعلوا هذه الصلاة بمناسبة عيد ! المولد النبوي ، وهي مناسبة بدعية .

وقد سبق التوسع في بيان نكارة هذه البدعة في موقعنا في أجوبة الأسئلة : ( 10070 ) و ( 13810 ) و ( 70317 ) .

2. تحديدهم لعدد معيَّن ، وحساب ذلك لأنفسهم ، وعلى الناس ، وهو ما لم يأت في شرع الله تعالى ، والمسلم له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عشراً كما في الحديث الوارد في السؤال – مع أن فيه كلاماً من حيث صحته - ، وما زاد على ذلك فهو له ، وليس له أن يأتي لذكر له عدد محدد فيجعله مطلقاً ، ومثله أن يأتي لذِكر مطلق فيحدده بعدد من كيسه .

وما أحق هؤلاء بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم ، لأسلافهم من المبتدعة : ( أحصوا سيئاتكم ، وأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء ) رواه الدارمي في مقدمة سننه (204) .

وانظر جواب السؤال رقم (11938) .

3. أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست من الأذكار العامة الجماعية ، بل هي ذِكر خاص بين العبد وربه تعالى .

قال ابن القيم رحمه الله :

والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت من أفضل الأعمال ، وأحبها إلى الله تعالى : فلكل ذِكرٌ موطنٌ يخصه ، لا يقوم غيره مقامه فيه ، قالوا : ولهذا لا تشرع الصلاة عليه في الركوع ، ولا السجود ، ولا قيام الاعتدال من الركوع .

" جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم " ( 1 / 424 ) .

وينظر في بيان هاتين النقطتين : أجوبة الأسئلة : ( 88102 ) و ( 82559 ) و ( 22457 ) و ( 21902 ) ففيها تأصيل ، وتفصيل

فالواجب على من اخترع هذه الطريقة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوب من بدعته هذه ، وأن يكف عن دعوة الناس للمشاركة بها ، والواجب على من علم بدعية ذلك : أن ينهى الناس عن المشاركة فيه ، أو الدعوة إليه ، والاغترار بكلام أهله .

ولا يظن بعاقل أنه يمنعهم من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم استجابة للأمر الرباني ، وتحقيقاً للترغيب النبوي ؛ لكن ليس بمثل هذه الطرق المبتدعة يُتقرب إلى الله بهذا الذِّكر ، ولا بغيره .

وفيما أحلنا عليه من أجوبة زيادة بيان ، فلتقرأ الأجوبة بتمعن ، وتمهل ، ونرجو الله أن ينفع بها ، وأن يهدي ضال المسلمين لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب