الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

قريبها يعمل في عمل محرم وأهداها مبلغا من المال

126486

تاريخ النشر : 20-01-2009

المشاهدات : 109810

السؤال

رزقني الله طفلة فأهداني أحد أقاربي مبلغا كبيرا من المال هذا القريب يعمل مهندس صوت في التليفزيون (يضبط الصوت في الأفلام وغيرها) 1-هل يجوز صرف هذا المال في أغراضي أم يجب علي التخلص منه في عمل خيري (صدقة أو إطعام طعام أو غيره من أعمال الخير) 2-زوجي مديون معسر فهل يجوز قضاء جزء من دينه بهذا المال؟؟ 3-هل يجوز قبول الهدية أصلا إذا كانت من مال حرام؟؟ 4-هل يجوز قبول الهدية من الكافر؟؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

المال الحرام نوعان : ما كان محرم العين كالمال المسروق والمغصوب ، وهذا لا يجوز قبوله من أحد ؛ لأنه يجب رده إلى أهله .

وما كان محرما لطريقة كسبه ، كالمال المأخوذ من التعامل بالربا أو العمل في أعمال محرمة كالرشوة والغش وأجرة الغناء والرقص ،  ويدخل في ذلك ما ذكرت من العمل في ضبط الصوت في الأفلام والمسلسلات المحرمة . وهذا المحرم لكسبه حرام على كاسبه فقط ، وأما من أخذه منه بوجه مشروع فلا شيء عليه ، وإن كان الأولى التورع عنه ، وتوقي أكله والانتفاع به ، لا سيما إن كان تركه سوف يؤثر في صاحبه الأصلي ، ويحمله على ترك هذا العمل .

صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أنه سئل عمن له جار يأكل الربا ، ويدعوه إلى طعامه ؟

فقال : " أجيبوه ؛ فإنما المهنأ لكم ، والوزر عليه " . انتهى . جامع العلوم والحكم (71) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجلٌ علم أن مصدر أموال أبيه من الحرام، فهل يأكل من طعام أبيه؟ وإذا لم يأكل من طعام أبيه فهل يكون ذلك من العقوق ؟

فأجاب : "الرجل الذي علم أن مال أبيه من الحرام إن كان حراماً بعينه، بمعنى: أنه يعلم أن أباه سرق هذا المال من شخص فلا يجوز أن يأكله، لو علمت أن أباك سرق هذه الشاة وذبحها فلا تأكل، ولا تُجِبْ دعوته ، أما إذا كان الحرام من كسبه يعني: أنه هو يرابي أو يعامل بالغش أو ما يشابه ذلك ، فكل ، والإثم عليه هو .

، ودليل هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكل من مال اليهود وهم معروفون بأخذ الربا وأكل السحت، أهدت إليه يهودية شاةً في خيبر مسمومة ليموت ، ولكن الله عصمه من ذلك إلى أجلٍ مسمى . ودعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة (أي : دهن متغير الرائحة) فأجابه وأكل ، واشترى من يهودي طعاماً لأهله وأكله هو وأهله ، فليأكل والإثم على والده " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (188/13) .

وعليه فلا  حرج عليك في قبول هذا المال الذي جاءك من قريبك والانتفاع به .

وإذا أردت أن تتصدقي به على زوجك المعسر : فهو من أهل الصدقة ، إذا كان مدينا معسرا ، ويحل له الأخذ من صدقتك ، سواء كانت الصدقة من هذا المال أو غيره .

قالت زينب ، زوجة عبد الله بن مسعود ، للنبي صلى الله عليه وسلم :

( يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّكَ ؛ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ ؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ ؛ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ ) .

رواه البخاري (1462) ومسلم (1000) .

ثانيا :

يلزم صاحب المال الحرام أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يتخلص من المال الحرام الباقي في يده ، وذلك بصرفه في أوجه الخير ، وإعطائه للفقراء والمساكين وأصحاب الديون ونحوهم ، بنية التخلص لا الصدقة ؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا .

وعليه : فلو أن قريبك تخلص من هذا المال  ، وأعطاه لزوجك ليقضي به دينا ، فقد أحسن في ذلك ، ولزوجك قبوله . ولو أعطاه دون نية التخلص ، أو أعطاك المال فأعطيته لزوجك ، فلا حرج عليك في ذلك كما سبق ؛ لأنكم أخذتموه بطريق مشروع وهو الهبة أو الهدية ، والإثم إنما يلحق كاسبه .

ثالثا :

يجوز قبول هدية الكافر ، تأليفا لقلبه وترغيبا له في الإسلام ، أو برا وقسطا به لقرابة وجوار  ونحوه ، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية المقوقس ،  والشاة من اليهودية ، وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 85108 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب