الحمد لله.
لم نقف على حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن أجر الصلاة بغير سترة بين يدي المصلي ينقص إلى النصف ، والغالب أن هذا اجتهاد رآه بعض أهل العلم ، فقد وردت أحاديث كثيرة في الأمر بالسترة والصلاة إليها ، والتحذير من قطع الشيطان الصلاة إذا صلى لغير سترة .
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا ، لَا يَقْطَعْ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ )
رواه أبو داود (رقم/695) حسنه ابن عبد البر في " التمهيد " (4/195)، وصححه النووي في " المجموع " (3/244)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
يقول العظيم أبادي رحمه الله :
" أي : لا يفوت عليه حضورها بالوسوسة والتمكن منها ، واستفيد منه أن السترة تمنع استيلاء الشيطان على المصلي ، وتمكنه من قلبه بالوسوسة ، إما كُلًّا ، أو بعضا ، بحسب صدق المصلي وإقباله في صلاته على الله تعالى ، وأنَّ عَدَمها يمكن الشيطان من إزلاله عما هو بصدده من الخشوع والخضوع. كذا في المرقاة " انتهى.
" عون المعبود " (2/275)
فلعل من قال بنقص أجر صلاة من صلى لغير سترة قصد هذه المعاني ، خاصة إذا مر أحد بين يديه وقطع عليه صلاته ، فيأثم المار حينئذ ، ويلحق المصلي من نقص الصلاة أيضا لتقصيره .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" الوجه حمله على أن المراد : قطع الصلاة بالمار بين يديه ، وبالضرر ، المذكورين في الأحاديث : قطع الخشوع ، وضرر الاشتغال بالمار ، بل وتمكن الشيطان منه بالوسوسة والمخادعة وإلفاته عما هو فيه حتى لا يعقل من صلاته شيئا ، أو إلا أقلها ، فيفوت عليه الثواب ، فكل ذلك هو المشار إليه في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) " انتهى.
" الفتاوى الفقهية الكبرى " (1/170)
وبه أيضا يفسر ما رُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
" إذا أراد أحد أن يمر بين يديك وأنت تصلي فلا تدعه ، فإنه يطرح شطر صلاتك " انتهى.
" المصنف " (2/25) بسند فيه راو مبهم.
وهو أيضا معنى ما قاله بعض السلف كأبي إسحاق ويحيى بن أبي كثير : أن من الجفاء أن يصلي بغير سترة . رواه ابن المنذر في " الأوسط " (رقم/2395)، ومعناه عند عبد الرزاق في " المصنف " (2/26، باب من صلى إلى غير سترة ).
وعلى كل حال فقد اتفق العلماء على صحة الصلاة إلى غير سترة ، وإن كان أجر صاحبها أنقص ممن صلى إلى السترة ، ولكن لم يرد ما يدل على أن هذا النقص يبلغ نصف الأجر .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" من صلى بلا سترة مع القدرة عليها فإنه لم يجر في بطلان صلاته خلاف " انتهى.
" الفتاوى الفقهية الكبرى " (1/160) والمراد اتفاق العلماء على صحة صلاته.
وانظر للفائدة في حكم السترة جواب السؤال رقم: (117758)
والله أعلم .
تعليق