الحمد لله.
"نعم ؛ يجوز لكم الكلام في ذلك بحسب علمكم ، ولا يجوز الكلام فيها ولا في غيرها بغير علم، ومعلوم أن شريعة التوراة والإنجيل من جملة الشرائع التي أنزلها الله على رسله على حسب ما يليق بأهلها في زمانهم وظروفهم ، والله سبحانه هو الحكيم العليم في كل ما يشرعه ويقدره ، كما قال سبحانه: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) المائدة/48 ، وذلك بعدما ذكر إنزاله التوراة والإنجيل والقرآن في سورة المائدة، وقال سبحانه: (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الأنعام/ 83 ، ثم إن اليهود والنصارى حرفوا وبدلوا وأدخلوا في شرائعهم ما ليس منها، ثم بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة عامة لجميع أهل الأرض من جن وإنس ، وشرع له شريعة عامة، وبذلك نسخ بها شريعة التوراة والإنجيل ، وأوجب على جميع أهل الأرض أن يتحاكموا إلى الشريعة التي بعث اللهُ بها محمداً صلى الله عليه وسلم ، وأن يأخذوا بها دون كل ما سواها ، كما قال عز وجل يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم في سورة المائدة: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ... ) المائدة/48. وقال سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65 ، وقال سبحانه: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/50 .
والآيات في هذا كثيرة ، ومن تدبر القرآن الكريم وأكثر من تلاوته لقصد الاستفادة والعمل هداه الله إلى سبيل الحق ، كما قال الله سبحانه : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) الإسراء/5 " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (24/47-49) .
تعليق