الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

عمل عند والده بأجرة أخذ بعضها وكان يصرف من أمواله دون علمه

128989

تاريخ النشر : 24-02-2009

المشاهدات : 7692

السؤال

اشتغلت عند الوالد رحمه الله لمدة خمسة أشهر ، وكان الاتفاق بيني وبين والدي أن أجرتي في الشهر مبلغ وقدره 2000 قبضت من والدي 1100 . كنت أصرف من أموال والدي دون علمه وهي أقل من مجموع أجرتي الكاملة عنده . 1- هل علي أن أحصي هذه الأموال التي أخذتها دون علمه وأتصدق بها عن والدي . 2- أم أحصي هذه الأموال وأسدد بها من دين والدي لأنه مات وهو مديون . 3- أم أعتبر أني أخذت من أجرتي فلا شيء علي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

إذا كان الأمر كما ذكرت من حصول الاتفاق بينك وبين والدك على العمل معه بأجرة لم تستوفها كاملة ، ولم تتنازل عنها له ، وكان ما أخذته من ماله دون علمه لا يخرج عن ذلك فلا شيء عليك .

وهذه المسألة لها شبه بما يذكره العلماء في مسألة "الظفر" أي : ظفر الإنسان بحقه الذي لم يستطع الوصول إليه .

قال الشنقيطي رحمه الله : " إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير الوجه الشرعي ،

ولم يمكن لك إثباتُه ، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة

والعقوبة ، فهل لك أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك أو لا ؟

أصحُّ القولين ، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس : أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ ؛ لقوله تعالى : ( فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ…) الآية ، وقوله : ( فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) ، وممن قال بِهذا القول : ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وسفيان ، ومجاهد ، وغيرهم .

وقالت طائفة من العلماء منهم مالك : لا يجوز ذلك ، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " بقوله في الوديعة : وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها ، واحتج من قال بِهذا القول بحديث : (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) ا.هـ .

وهذا الحديث على فرض صحته لا ينهض الاستدلال به ؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه ، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه " انتهى من "أضواء البيان" (3/353) .

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (27068) .

وكان ينبغي أن تطالب أباك بأجرتك وألا تلجأ إلى الأخذ من ماله دون علمه إلا في حال امتناعه عن بذلها لك .

ثانياً :

إذا تبين أنك أخذت من ماله فوق أجرتك ، لزم رد قدر الزائد إلى التركة  ، و منها تسدد الديون ، ولا وجه للتصدق بها عن والدك .

وهكذا من أخذ مال غيره فإنه يرده إليه إن كان حيا ، وإلى ورثته إن كان ميتا ، ولا يتصدق به عنه إلا في حال عجزه عن الوصول إليه أو إلى ورثته .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب