الحمد لله.
لا حرج على المسلم في تعلم اللغات الأجنبية ، بل قد يكون ذلك مطلوباً ويثاب عليه إذا قصد تعلم لغتهم من أجل دعوتهم إلى الإسلام ، والعمل على هدايتهم إلى الحق الذي ضلوا عنه ، أو يقصد الانتفاع بما عندهم من علوم لا توجد عند المسلمين حتى يتمكن من نفع المسلمين بهذه العلوم .
ولكن الطريقة التي ذكرتها نرى أنها لا تجوز ، ونرى أن هؤلاء يمكرون بالمسلمين ، ليصرفوهم عن دينهم ، فلن يكون هذا الدرس درساً في تعلم اللغة ، وإنما سيكون درساً في التنصير .
ونحن – المسلمين – نعتقد في الإنجيل أنه قد حُرِّف ، وتلاعب به علماء النصارى ، فصار يحتوي على أباطيل وخرافات لا يمكن لصاحب عقل سليم أن يؤمن بها أو يصدقها .
والقراءة في هذه الكتب المحرفة لا تجوز ، إلا لمن عنده من العلم الشرعي ما يستطيع أن يميز بين ما فيها من حق وباطل ، وقرأها بقصد الرد على أهلها ، وإقناعهم بما في هذه الكتب من أباطيل .
ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاباً أخذه من بعض أهل الكتاب ، فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قَالَ : (أَمُتَهَوِّكُونَ [أي : متحيرون] فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي) رواه الإمام أحمد (14736) وحسنه الألباني في "الإرواء" (6/34) .
وقد بَيَّن الله تعالى لنا مكر هؤلاء ، وأنهم يبذلون ما يستطيعون لإخراج المسلمين عن دينهم ، فقال تعالى : ( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) البقرة/217 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
"أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين ، وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم ، وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم ، ويكونوا كفارا بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير ، فهم باذلون قدرتهم في ذلك ، ساعون بما أمكنهم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
وهذا الوصف عام لكل الكفار ، لا يزالون يقاتلون غيرهم ، حتى يردوهم عن دينهم ، وخصوصا أهل الكتاب ، من اليهود والنصارى ، الذين بذلوا الجمعيات ، ونشروا الدعاة ، وبثوا الأطباء ، وبنوا المدارس ، لجذب الأمم إلى دينهم ، وتدخيلهم عليهم كل ما يمكنهم من الشبه ، التي تشككهم في دينهم .
ولكن المرجو من الله تعالى ، الذي مَنّ على المؤمنين بالإسلام ، واختار لهم دينه القيم ، وأكمل لهم دينه ، أن يتم عليهم نعمته بالقيام به أتم القيام ، وأن يخذل كل من أراد أن يطفئ نوره ، ويجعل كيدهم في نحورهم ، وينصر دينه ، ويعلي كلمته .
وتكون هذه الآية صادقة على هؤلاء الموجودين من الكفار ، كما صدقت على من قبلهم : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)" انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 97) .
فالواجب عليك منع زوجتك من الذهاب إلى هؤلاء ، وعدم مطاوعتهم فيما هم عليه من الخبث ، والواجب تحذير كل مسلم ومسلمة ممن قد يروج عليه تضليل هؤلاء ومكرهم ، وكشف عوار تدبيرهم وتخطيطهم .
وتعليم اللغة الانجليزية ممكن بطرق كثيرة ميسورة ، لا شبهة فيها ، ولا خلط ، ولا تضليل .
نسأل الله تعالى أن يرد كيد هؤلاء في نحرهم ، ويبصر المسلمين بمخططاتهم .
تعليق