الحمد لله.
يجوز في المهر أن يكون معجلاً أو مؤخراً ، أو يكون بعضه معجلاً وبعضه مؤخراً ، حسب ما يتفق عليه الزوجان ، ولا حرج في ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"يَجُوز أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَجَّلًا , وَمُؤَجَّلًا , وَبَعْضُهُ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةٍ , فَجَازَ ذَلِكَ فِيهِ كَالثَّمَنِ" انتهى .
"المغني" (7/169) .
وعلى هذا جرى عمل الناس منذ قرون طويلة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ولم يكن الصحابة يكتبون "صداقات" لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر ؛ بل يعجلون المهر ، وإن أخروه فهو معروف ، فلما صار الناس يتزوجون على المؤخر والمدة تطول ويُنسى : صاروا يكتبون المؤخر ، وصار ذلك حجة في إثبات الصداق ، وفي أنها زوجة له" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (32/131) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل يجب أن يقبض صداق المرأة عند تسميته أو عند العقد ، أم يُكتفى بتسميته ، ويجوز تأجيله إلى وقت لاحق بعد الزواج؟
فأجاب :
"هذه المسألة ترجع إلى اتفاق الزوجين ، أو الزوج وولي المرأة ، إذا اتفقا على شيء فلا بأس به ، من تعجيل أو تأجيل ، كل ذلك واسع والحمد لله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) .
فإذا اتفقا على أن المهر يقدم أو يؤخر ، أو يقدم بعضه ويؤخر بعضه : فكل ذلك لا بأس به ، لكَّن السنةَ أن يُسمِّي شيئا عند العقد ؛ لقوله سبحانه وتعالى : (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ) فيسمي شيئا من المهر ، فإن سمى شيئا فهو حسن ، وإن قال : على مهر مؤجل ، وهو معلوم بينهما فلا بأس ، أو مؤجل نصفه أو ثلثه أو ربعه ، ويبين المعجل والمؤجل فلا بأس ، كل ذلك واسع ، والحمد لله" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (21/89-90) .
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
هل يصح تأجيل صداق المرأة ؟ وهل هو دين على الرجل يلزم بدفعه ؟
فأجاب :
"الصداق المؤجل جائز ولا بأس به ، فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس ، ولكن يحل إن كان قد عين له أجلا معلوما ، فيحل بهذا الأجل ، وإن لم يؤجل فيحل بالفرقة : بطلاق ، أو فسخ ، أو موت ، ويكون دَيْنًا على الزوج يطالب به بعد حلول أجله في الحياة ، وبعد الممات كسائر الديون" انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13/1368) .
والله أعلم .
تعليق