الحمد لله.
المرأة التي تكون من أهل الجنة ولم تكن متزوجة في الدنيا ، أو كانت متزوجة ولم يكن زوجها من أهل الجنة ، أو كانت متزوجة وطُلِّقت طلاقاً بائناً وماتت : فإن حكمهن واحد ، وهو أن الله تعالى يزوجهن في الجنة من أهلها .
وليعلم بأن نعيم الآخرة ليس مختصاً بالرجال دون النساء ، بل هو عام للجنسين ، وقد نصَّ الله تعالى في كتابه على ذلك ، فقال : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء / 124 .
وقال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97 .
وقال تعالى : (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الزخرف/71 .
وقال : (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) فصلت/31 .
وقد ذكر بعض أهل العلم حكَماً في ذِكر الحور العين للرجال دون أزواج النساء في الجنة ، فقال بعضهم : لأن هذا مما تستحي منه النساء . وقال آخرون : لأن الرجل هو الطالب دون المرأة .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يكون في الجنة " أعزب " ، وهو يؤكد ما قلناه من أن الله تعالى يزوج الرجال والنساء فيها .
فعن محمد بن سيرين قال : إما تفاخروا وإما تذاكروا : الرجال في الجنة أكثر أم النساء ؟ فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : (إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، وما في الجنة أعزب) . رواه مسلم (2834) .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : إذا كانت المرأة من أهل الجنة ولم تتزوج في الدنيا أو تزوجت ولم يدخل زوجها الجنة ، فمن يكون لها ؟
فأجاب :
"الجواب يؤخذ من عموم قوله تعالى : (ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون . نزلاً من غفور رحيم) ، ومن قوله تعالى : (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون) ، فالمرأة إذا كانت من أهل الجنة ولم تتزوج ، أو كان زوجها ليس من أهل الجنة : فإنها إذا دخلت الجنة فهناك من أهل الجنة من لم يتزوجوا من الرجال ، وهم - أعني من لم يتزوجوا من الرجال – لهم زوجات من الحور ، ولهم زوجات من أهل الدنيا إذا شاءوا واشتهت ذلك أنفسهم ، وكذلك نقول بالنسبة للمرأة إذا لم تكن ذات زوج ، أو كانت ذات زوج في الدنيا ولكنه لم يدخل معها الجنة : إنها إذا اشتهت أن تتزوج فلا بد أن يكون لها ما تشتهيه لعموم هذه الآيات .
ولا يحضرني الآن نص خاص في هذه المسألة والعلم عند الله تعالى" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / السؤال رقم 177 ) .
وقال الشيخ رحمه الله أيضاً :
"وإذا لم تتزوج في الدنيا : فإن الله تعالى يزوجها ما تقر به عينها في الجنة ، فالنعيم في الجنة ليس مقصوراً على الذكور ، وإنما هو للذكور والإناث ، ومن جملة النعيم : الزواج .
وقول السائل : " إن الله تعالى ذكر الحور العين وهن زوجات ولم يذكر للنساء أزواجاً " : فنقول : إنما ذكر الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ، ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج ، بل لهن أزواج من بني آدم" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / السؤال رقم 178 ) .
والله أعلم .
تعليق