الحمد لله.
ينبغي للإنسان أن يقبل على من يحدثه ، ويصغي إليه ، ولا يلتفت ، ولا ينشغل بشيء آخر ، فهذا من أدب المحادثة ، ومن تمسك به فهم قول محدثه ، ولم يحتج إلى طلب إعادة حديثه .
ولا عيب في طلب إيضاح الكلام الغامض والخفي ، فقد يكون هذا من عيب المتحدث حيث لم يفصح عن مراده ، أو عيبا في السامع ، ولا يضره حينئذ طلب الفهم ، فهذا خير من التظاهر بشيء ليس عنده ، وخير من معاتبة صاحبه له فيما بعد بأنه أقره على كلامه والواقع أنه لم يفهمه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ ) رواه البخاري (4921) ومسلم (2130).
وهذا المتشبع يكذب على نفسه وعلى غيره ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلابس ثوبي ) فله ثوبان من الزور المخالف للحقيقة .
ومن أكثر من الإيماء والتظاهر بالموافقة ، اعتاد ذلك ، وصار طبعا فيه ، وحال بينه وبين فهم أكثر الكلام المفهوم ، والعادة أن الناس يدركون ذلك منه ، ويعدونه نقصا وعيبا فيه ، وإن لم يشعر بذلك .
فلا ينبغي للإنسان أن يرضى لنفسه بالغباوة ، ولا بالكبر الذي يمنع من السؤال والاستيضاح .
لكن إذا كان الكلام غير مهم ، ولا يشتمل على محظور ، وتركت طلب إعادته شفقة على المتكلم من الإحباط – كما ذكرت - ، أو مراعاة لشعوره حتى لا يرى أنه لا يحسن الكلام ، أو حرصاً على الوقت ، حتى لا يضيع فيما لا فائدة منه ، فلا حرج في الإيماء والتظاهر بالفهم حينئذ .
والله أعلم .
تعليق