الحمد لله.
أولا :
يجب إخراج زكاة النقود نقودا عند جمهور الفقهاء ، ولا يجوز إخراجها موادا عينية من غذاء أو غيره .
وذهب الحنفية إلى الجواز ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان ذلك أنفع للفقير .
قال
رحمه الله : "وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك ، فالمعروف من مذهب
مالك والشافعي أنه لا يجوز ، وعند أبي حنيفة يجوز ، وأحمد رحمه الله قد منع القيمة
في مواضع ، وجوزها في مواضع ، فمن أصحابه من أقر النص ، ومنهم من جعلها على روايتين
. والأظهر في هذا : أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه . . . إلى
أن قال رحمه الله :
" وأما إخراج القيمة للحاجة ، أو المصلحة ، أو العدل فلا بأس به ، مثل أن يبيع ثمر
بستانه أو زرعه بدراهم فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري ثمرا أو
حنطة إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه ، وقد نص أحمد على جواز ذلك... ومثل أن يكون
المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها " انتهى من
"مجموع الفتاوى" ( 25 / 82).
وعليه ؛ فإذا كان المزكي أخرج زكاته موادا غذائية جاهلا ، فلا شيء عليه ، والأحوط له مستقبلا أن يخرجها نقودا .
وينبغي أن يعلم أن العقار لا زكاة فيه إلا إذا كان للتجارة ، أو كان مؤجرا فالزكاة في أجرته إذا حال عليها الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بما انضم إليها من ماله .
ثانياً :
إذا كان الفقير سفيهاً لا يحسن التصرف في المال ، وخشي أن يشتري به دخانا ونحوه ،
جاز إعطاؤه الزكاة سلعاً عينيةً بدلاً من النقود ، مراعاة لمصلحة الفقير ، وسدّاً
لحاجته ، وهذا اختيار شيخ الإسلام كما سبق ، وبه أفتى جمع من أهل العلم .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ويجوز أيضا أن يخرج عن النقود عروضا من الأقمشة
والأطعمة وغيرها ، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة ، مثل أن
يكون الفقير مجنونا أو ضعيف العقل أو سفيها أو قاصرا ، فيخشى أن يتلاعب بالنقود ،
وتكون المصلحة له في إعطائه طعاما أو لباسا ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة
الواجبة ، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ
ابن باز" (14/253) .
وينظر جواب السؤال رقم (79337) .
ثالثا :
الواجب في زكاة التجارة أن تخرج نقودا في قول جمهور أهل العلم ، فتقوّم العروض في نهاية الحول ، ويخرج من قيمتها ربع العشر .
وذهب الحنفية ، والشافعي في قول إلى جواز إخراجها من نفس التجارة .
جاء في الموسوعة الفقهية (23 / 276) : " الأصل في زكاة التجارة أن يخرجها نقدا بنسبة ربع العشر من قيمتها , كما تقدم , لقول عمر رضي الله عنه لحماس : (قَوِّمْها ثم أَدِّ زكاتها) . فإن أخرج زكاة القيمة من أحد النقدين أجزأ اتفاقا .
وإن أخرج عروضا عن العروض فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك ، فقال الحنابلة وهو ظاهر كلام المالكية وقول الشافعي في الجديد وعليه الفتوى : لا يجزئه ذلك , واستدلوا بأن النصاب معتبر بالقيمة , فكانت الزكاة من القيمة , كما أن البقر لما كان نصابها معتبرا بأعيانها , وجبت الزكاة من أعيانها , وكذا سائر الأموال غير التجارة .
وأما عند الحنفية وهو قول ثان للشافعية قديم : يتخير المالك بين الإخراج من العرض أو من القيمة فيجزئ إخراج عرض بقيمة ما وجب عليه من زكاة العروض ... وفي قول ثالث للشافعية قديم : أن زكاة العروض تخرج منها لا من ثمنها , فلو أخرج من الثمن لم يجزئ " انتهى .
والراجح جواز إخراجها من التجارة نفسها .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :" يجوز إخراج زكاة العروض عرضاً " انتهى من "الاختيارات" ص 101 .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يجوز إخراج الزكاة من الأقمشة ؟
فأجاب :" يجوز ذلك في أصح قولي العلماء ، الطيب عن الطيب ، والرديء عن مثله حسب القيمة ، مع الحرص على ما يبرئ الذمة ، لأن الزكاة مواساة ، من الغني للفقراء ، فجاز له أن يواسيهم من القماش بقماش ، كما يواسيهم من الحبوب والتمور والبهائم الزكوية من نفسها " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (14 / 253).
وعليه ؛ فمن كان لديه أنواع من الأرز وأراد إخراج الزكاة منها ، فإنه يخرج من كل نوع ، تحقيقا للعدل والمسواة بينه وبين الفقراء ، وإن اختار الإخراج من أجودها فله ذلك .
والله أعلم .
تعليق