الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل عقد التسبيح بعد الصلاة يكون باليد اليمنى أم بكلتا اليدين ؟

139662

تاريخ النشر : 15-11-2009

المشاهدات : 169979

السؤال

وجدت هنا أن حديث تسبيح الرّسول صلى الله عليه وسلم بيمينه ضعيف ، هل هذا صحيح ؟ . وجدت هذا البحث في الموقع الآتي: http://www.alewaa.com/vb/showthread.php?t=708 كنت لسنوات أعقد التسبيح بعد الصلوات وفي غير الصلوات بيدي اليمين فقط , وبعد أن قرأت كتاب " لا جديد في أحكام الصلاة " للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى وأعلى درجته , تحولت إلى التسبيح بكلتا اليدين , وذلك لاقتناعي بما حققه الشيخ في هذا الموضوع , والمسلم يتبع الدليل متى ما علمه . وقد ذكر الشيخ رحمه الله التالي : ويحتج لها بما ورد في بعض ألفاظ الرواة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " رواه أبو داود والبيهقي ، وهي لفظة تفرد بها " محمد بن قدامة بن أعين " عن جميع الرواة ، وتبين منزلة هذا " التفرد " بجمع ألفاظ الرواة , والوقوف على مخرج الحديث , هل هو مختلف فيه أم متحد . وعليه : فاعلم أن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما رواه أصحاب السنن الأربعة , وغيرهم , ولفظه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خلتان مَن حافَظَ عليهما أدخلتاه الجنة ... ) قال : ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده . وفي لفظ : ( يعقد التسبيح ) . وفي لفظ : ( ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد هكذا ) , وعدَّ بأصابعه . وهذا الحديث من حيث سنده : فردٌ في أوله , تفرد به عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما . وعن عبد الله تفرد به : السائب بن زيد أو ابن مالك , وعن السائب , تفرد به عنه ابنه : عطاء بن السائب . وعن عطاء اشتهر , رواه عنه جماعة منهم : شعبة , وسفيان الثوري , وحماد بن زيد , وأبو خيثمة زهير بن حرب , وإسماعيل بن علية , والأعمش . وهؤلاء جبال في الرواية والحفظ , والإتقان والعلم . وكلهم يقولون ( بيده ) لا يختلفون البتة , فليس فيهم واحد يقول : ( بيمينه ) . والاختلاف إنما حصل من طريق أحد الرواة ، عن عثام بن علي عن الأعمش به , من رواية شيخ أبي داود : محمد بن قدامة عن عثام به ، بلفظ ( بيمينه ) رواه أبو داود ، ومن طريقه البيهقي ...............................انتهى ومن حين قراءة هذا النص أعلاه عملت بمقتضاه ، وبلَّغت به من حولي من الإخوة ، ولكنهم لم يعملوا به , فلا أدري هل يوجد حديث آخر كدليل على التسبيح باليمين , أم ماذا ؟ . بارك الله فيكم .

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

التسبيح بعد الصلاة باليمين من مسائل الخلاف المشتهرة ، وخاصة بين العلماء المعاصرين ، ويمكن حصر الأقوال في المسألة في ثلاثة أقوال :

الأول : أن السنَّة التسبيح باليمنى ، ولا يجوز التسبيح معها باليسرى .

وهو قول الشيخ الألباني رحمه الله .

الثاني : أن السنَّة التسبيح باليدين ، وعدم اقتصار التسبيح على اليمنى .

وهو قول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله .

الثالث : أن الأفضل التسبيح باليمنى ، وجواز التسبيح معها باليسرى .

وهو قول علماء اللجنة الدائمة .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسبِّح الله عز وجل بيده اليمنى فقط ، أو باليد اليسرى ، في حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح بيده ، في حديث آخر كان صلى الله عليه وسلم يسبح بيمينه ، هل هذان الحديثان صحيحان أم لا ؟ .

فأجابوا :

أمر الله تعالى في كتابه بالتسبيح ، وحثَّت السنَّة الثابتة عليه ، وبيَّنت فضله مطلقاً ومقيَّداً بزمن ، أو حال ، أما كونه باليد أو بأناملها : فقد روى في ذلك الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن يسيرة بنت ياسر رضي الله عنها - وكانت من المهاجرات - قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ) - أحمد ( 6 / 371 ) وأبو داود ( 1501 ) والترمذي ( 3583 ) - ، وروى الترمذي - ( 3486 ) - من طريق الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح ) وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث الأعمش عن عطاء بن السائب قال : وروى شعبة والثوري هذا الحديث عن عطاء بن السائب بقوله ، ورواه أبو داود - ( 1502 ) - عن عبيد الله بن عمر بن ميسرة ومحمد بن قدامة في آخرين قالوا : حدثنا عثام عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح ) قال ابن قدامة : ( بيمينه ) .

من هذا يتبين للسائل ألفاظ الروايات التي روي بها هذا الحديث ، وليس بينها تناف ، بل بعضها مجمل وبعضها مبيَّن مفسَّر ، ويشهد لاختيار التسبيح باليمين : عموم حديث عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن ما استطاع في طهوره وتنعله وترجله وفي شأنه كله ) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة .

والأمر في ذلك واسع ، ولا حرج في استعمال أنامل اليدين جميعاً كما هو ظاهر من حديث يسيرة المتقدم ، ولكن استعمال أنامل اليد اليمنى في ذلك أفضل ؛ لما تقدم .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 105 – 107 ) .

ثانياً:

لعل أعدل الأقوال في هذه المسألة هو التوسط فيها ، فيقال : إن الأصل أن يكون عقد التسبيح باليد اليمنى ؛ فإنه ، ومع التسليم بأن رواية : ( بيمينه ) في صحتها نظر ، من حيث الصنعة الحديثية ، فإن الرواية المحفوظة في الحديث : ( بيده ) ليس فيها أنه كان يعقد التسبيح بيديه جميعا ، وإلا لقال : ( بيديه ) ، فترجح أن يكون المراد بها إحدى اليدين ، ولا قائل بأنها اليسرى فقط ، فيترجح ـ أو يتعين ـ أن تكون ( اليد ) هنا هي ( اليمين ) ، لما هو معلوم من قاعدة الشرع  في مثل ذلك : أن تقدم فيه اليد اليمنى .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : يستحب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والخروج من الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه . ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك كالامتخاط والاستنجاء ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخف والسراويل والثوب والنعل وفعل المستقذرات وأشباه ذلك .

ودليل هذه القاعدة أحاديث كثيرة في الصحيح ، منها :

حديث عائشة رضى الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله ) رواه البخاري ومسلم .

وعن عائشة أيضا قالت : ( كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه ، وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى ) . حديث صحيح رواه أبو داود وغيره باسناد صحيح " انتهى . "المجموع شرح المهذب" (1/418) ، وينظر: رياض الصالحين (405) .

ومع ذلك فالأمر كله في دائرة المستحب والأفضل ، كما حكى النووي قاعدة الباب عن أهل العلم ، وليس هو في دائرة المخالفة  والمعصية ، كما قد يقول من يلزم بالتسبيح باليمنى ، لا  سيما وعموم قوله : ( بالأنامل ) يشمل أنامل اليدين جميعا ، كما تقدم ذكره .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

عن عد التسبيح هل يكون باليد اليمنى فقط ؟ .

فأجاب :

السنَّة أن يسبِّح باليمنى ؛ لأن هذا هو ما رواه أبو داود من أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كان يعقد التسبيح بيمينه ) ، ولكن لا ينبغي التشديد في هذا الأمر بحيث يُنكَر على من يسبِّح بكلتا يديه ، بل نقول : إن السنَّة أن تقتصر على اليمين ؛ لأن هذا هو الذي ورد عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولأن ذلك أفضل وأكمل ؛ لأن اليمين تقدم في الأمور المحمودة ، واليسرى في الأمور الأخرى .

" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 13 / 243 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب