الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل سيرى الشخص والدته في الجنة ؟

140151

تاريخ النشر : 27-12-2009

المشاهدات : 27552

السؤال

هل سيرى الشخص والدته في الجنة ، حتى لو كان من أصحاب النار والعياذ بالله ؟

الجواب

الحمد لله.

ليعلم ـ أولا ـ أن من كان من أهل الجنة كان في نعيم مقيم ، لا يحزن ، ولا ينصب ، ولا يغتم ، ولا يهتم ؛ فهو مشغول عن كل شيء آخر سوى ما هو فيه من النعيم المقيم ، والبهجة الخالدة ، فلا يعكر عليه صفو نعيمه كدر أبدا . قال الله تعالى : ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يس/55-58 .

ولا يضره من في النار ، كائنا من كان . وقد أخبر الله تعالى عن حال الشتات والتفريق والعداوة بين الأخلاء والأحبة يوم القيامة ، إلا المتقين ، فقال تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67.

وقد روى البخاري (3350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي ؟ فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ . فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ . ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ (ضبع) مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ ) .

ورواه ابن المنذر وزاد : ( فإذا رآه كذا تبرأ منه ، وقال : لست أبي ) .

"فتح الباري" (8/500) .

فتبين بذلك أنه أهل الجنة تنقطع ولايتهم بأهل النار الذين هم أهلها من الكفار المخلدين فيها ، حتى وإن كانوا أقرب الأقربين لهم ، ولا يبقى لهم تعلق بهم ، ولا شوق إليهم ينغص عليهم ما هم فيه من النعيم .

وأما إن كان الشخصان جميعا من أهل النار ، فما ينفعهم فيها اجتماعهم ، ولا رؤية بعضهم بعضا ، وكل منهم مرتهن بعمله ، مشغول بما هو فيه من الألم والعذاب ، ما يفيده ولا ينفعه أن يرى معه أهله الأقربين ، ولا أهل الأرض أجمعين : ( وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) الزخرف/39 ؛ بل لو كان معه قريبه وحبيبه لود أنه فدى نفسه به ، وخرج هو من العذاب وخلاه : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) المعارج/11-14 .

وأما إن كان الشخصان جميعا من أهل الجنة ، ولكن اختلفت منازلهم فيها : فقد ذكر بعض أهل العلم كلاما في تزاور أهل الجنة ، وأورد ابن القيم في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " فصلا خاصا بذلك ، ذكر فيه مجموعة من الأحاديث والآثار ، لا تخلو أسانيدها من ضعف ، ولا تقوم بمثلها حجة ، وذكر طرفا من ذلك أيضا الحافظ المنذري في كتابه " الترغيب والترهيب " في فصل " تزاورهم ومراكبهم " . ومع ما في أسانيد الباب من الضعف : فإن تزاور أهل الجنة ، وتعارفهم وهم فيها هو الظاهر من حالهم ، لا سيما إن كان ذلك من تمام نعيمهم وقرة أعينهم فيها ، وقد صرح بذلك غير واحد من السلف .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب