الحمد لله.
يشترط في إخراج الزكاة : النية ؛ لأن الزكاة عبادة وقربة تحتاج إلى نيةٍ من المُخْرِج ، وتقدم هذا في جواب السؤال رقم (130572) .
ويشترط في النية أن تكون مقارنةً للفعل ، أو تتقدم عليه بزمن يسير.
قال المرداوي رحمه الله :
"الأولى مقارنة النية للدفع , ويجوز تقديمها على الدفع بزمن يسير كالصلاة" انتهى من "الإنصاف" (3/195) .
وعليه ؛ فمن دفع صدقة للفقير.. بنية التطوع ثم أراد احتسابها من الزكاة ، لم تجزئه ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) . وهذا لم ينو إلا بعد إخراجها فلم تصح .
قال الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/360) : "ومن تصدق بماله ولو بعد تمام الحول ولم ينو الزكاة لم تسقط زكاته ، كما لو وهبه أو أتلفه ، وكما لو كان عليه صلاة فرض فصلى مائة صلاة نافلة لا تجزئه عن فرضه" انتهى .
قال ابن المواق في "التاج والإكليل" (3/103) : "ولا يجوز له أن يحسبه من زكاته إذا نوى به صدقة التطوع أو أعطاه ولا نية له في تطوع ولا زكاة" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : لديهم جمعية تعاونية ، مشروط في نظامها أن يقتطع من صافي أرباحها عشرة في المائة لصرفه في وجوه الخير، وإن مصلحة الزكاة تطالب الجمعية بزكاة أرباحها. ويسأل: هل يجب عليها أن تدفع زكاة أرباحها والحال أنها تدفع من الأرباح عشرة في المائة في وجوه الخير، وإذا كان يلزمها ذلك فهل يجب عليها زكاة ما مضى من الأعوام التي لم تدفع زكاتها ؟
فأجابوا :
"هذه الجمعية التعاونية حكمها حكم الشركات التجارية في وجوب الزكاة في أموالها ، وما ذكرته في نظامها من اقتطاع عشرة في المائة من صافي أرباحها لصرفه في وجوه البر لا يسقط عنها الزكاة الواجبة عليها ، إذ إن العشرة في المائة المشار إليها هي بمثابة صدقة تطوع ، وصدقة التطوع لا تغني عن الزكاة الواجبة ؛ لأن الزكاة عبادة واجبة يحتاج أداؤها إلى نية ، وهذا المبلغ عشرة في المائة لا يدفع على أنه زكاة ، وإنما يدفع على سبيل صدقة التطوع .
وعليه ؛ فإن الواجب يقتضي إخراج زكاة أموال هذه الجمعية ، وبذلها لولي الأمر حيث طلبها ، كما أن الزكاة واجبة في أموالها للسنوات التي لم تدفع زكاتها " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة (9/287) .
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله في "شرح زاد المستنقع" : لا بد من النية..؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (إنما الأعمال بالنيات) ، والزكاة عمل ، فدلّ على أن الزكاة لا تصح إلا بنية ، وعلى ذلك اتفق العلماء رحمة الله عليهم ، وبناءً عليه : فلو أن إنساناً وجبت عليه الزكاة ألف ريال ، فمرّ عليه مسكين وشكا له حاجته ، فأعطاه الألف ريال شفقة عليه ، ولم يتذكر أن عليه زكاة ألف ريال ، وبعد أن ذهب المسكين تذكّر أن عليه زكاةً وهي ألف ريال ، فنوى أن هذه الألف الماضية ، قائمة مقام الزكاة فهذا لا يجزئ ؛ لأن شرط النية أن تكون مصاحبة للعمل أو سابقة عنه بالزمن اليسير الذي لا يضر.." انتهى .
والله أعلم
تعليق