الحمد لله.
وطء الزوجة في دبرها محرم تحريما غليظا ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) رواه الترمذي (135) وابن ماجه (639) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقوله : ( ملعون من أتى امرأة في دبرها ) رواه أحمد (9731) وأبو داود (2162) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
راجع السؤال (1103) .
وأما إعراضك عن الزواج بسبب هذه المخاوف ، فهو معالجة خطأ بخطأ آخر؛ فأعرض عن هذه الوساوس ، واشتغل بما ينفعك في دينك ودنياك ، وسل الله أن يطهر قلبك ويحصن فرجك ، وبادر وعجل بالزواج فإنه خير دواء لك ، واحذر غضب الله وسخطه وأليم عقابه ، ولا تكن من الغافلين .
وأكثر من ذكر الله تعالى وطاعته ، وغض بصرك عن الحرام ، وجوارحك عن الآثام ، لتذهب عنك هذه الخواطر الشيطانية ، والأفكار الرديّة .
وأما إتيان امرأتك في دبرها ، من وراء الملابس ، فالواجب عليك تركه والحذر منه ، ولا تكن كالراعي يرعى حول الحمى ، يوشك أن يرتع فيه ، كما قال صلى الله عليه وسلم [ رواه البخاري (25) ، مسلم (1599) ]
قال ابن رجب رحمه الله : ( والله عز وجل حمى هذه المحرمات ومنع عباده من قربانها ، وسماها حدوده ، فقال : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) البقرة/187 .
وهذا فيه بيان أنه حد لهم ما أحل لهم وما حرم عليهم ، فلا يقربوا الحرام ، ولا يتعدوا الحلال ، ولذلك قال في آية أخرى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ) البقرة/229 .
وجعل من يرعى حول الحمى وقريباً منه جديراً بأن يدخل الحمى ويرتع فيه ، فكذلك من تعدى الحلال ، ووقع في الشبهات ، فإنه قد قارب الحرام غاية المقاربة ، فما أخلقه بأن يخالط الحرام المحض ، ويقع فيه ، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي التباعد عن المحرمات ، وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزاً ) . جامع العلوم والحكم 1/208 .
عافانا الله وإياك من كل سوء ، ورزقنا وإياك القناعة ، وأغنانا بحلاله عن حرامه .
والله أعلم .
تعليق