الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حكم البناء فوق المسجد أو تحته

144829

تاريخ النشر : 08-02-2010

المشاهدات : 41148

السؤال

أوصاني أبي قبل وفاته ببناء مسجد بجزء من ماله صدقة جارية بحيث يكون به مصلى في الطابق الأرضي وفوقه مركز طبي خيري ودار تحفيظ للقرآن ومكتبة إسلامية ومرأب للسيارات خاصة بزوار المركز الطبي. فهل يجوز البناء فوق المسجد وتحته أم الأفضل تعديل الوصية وبناء المسجد منفردا وباقي الأنشطة الخيرية منفردة أيضا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لا حرج في كون المسجد تحت بناء ، أو فوقه بناء ، إذا أنشئ على هذه الصفة ابتداء .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (12/295) : " أجاز الشافعية والمالكية والحنابلة جعل علو الدار مسجدا دون سفلها , والعكس ; لأنهما عينان يجوز وقفهما , فجاز وقف أحدهما دون الآخر" انتهى .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : قمت بإنشاء منزل والنية معقودة قبل الإنشاء على بناء مسجد تحت المنزل ، وقد اكتمل البناء وتحددت القبلة بناء وبنيت المراحيض الخاصة بالمسجد واكتملت أعمال النجارة ، ولم يبق إلا الدهان ، وأخذ المسجد الشكل الإسلامي ، وسمعت من البعض أن المسجد تحت المنزل لا يجوز ، وأوقفت السكن وتشغيل المسجد منذ خمس سنوات إلى الانتهاء من الإفادة ، فما رأي سماحتكم حول بناء المسجد تحت المنزل ؟ علما بأن هناك مساجد صغيرة غيره بنيت بجواره خلال هذه الفترة ، وتعددت المساجد الصغيرة . أفيدوني جزاكم الله خيرا .
فأجابوا : "لا مانع من كون المسجد تحت السكن إذا كان المسجد والسكن بنيا من الأصل على هذا الوضع ، أو أحدث المسجد تحت السكن ، أما إذا كانت إقامة السكن فوق المسجد طارئة فإن هذا لا يجوز ؛ لأن سقفه وما علاه تابع له" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/220) المجموعة الثانية .

ثانيا :

الأصل هو تنفيذ الوصية وعدم تغييرها ما لم تشتمل على إثم ؛ لقول الله تعالى : ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/181 ، وفي جواز تغييرها إلى الأفضل خلاف .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم : فمنهم من قال : إنه لا يجوز ؛ لعموم قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ) البقرة/ 181 ، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير .

ومنهم من قال : بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل ؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل ، ونفع الموصى له ، فكل ما كان أقرب إلى الله ، وأنفع للموصى له ، كان أولى أيضاً ، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل ، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به ...

والذي أرى في هذه المسألة : أنه إذا كانت الوصية لمعين ، فإنه لا يجوز تغييرها ، كما لو كانت الوصية لزيد فقط ، أو وقف وقفاً على زيد ، فإنه لا يجوز أن تُغير ، لتعلق حق الغير المعين بها .

أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد ، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل" انتهى من "تفسير القرآن للعثيمين" (4/256) .

وعلى هذا ، يجوز بناء المسجد منفرداً ، وسائر الأنشطة منفردة ، ويجوز جعلها كلها في بناء واحد.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب