الحمد لله.
أولا :
الطهارة شرط لصحة الطواف عند جمهور العلماء ، واختلفوا فيما إذا أحدث في الطواف ثم توضأ هل يكمل الأشواط أم يستأنف الطواف على قولين ، فذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يبني على طوافه ، وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يستأنف الطواف من أوله . وينظر : الموسوعة الفقهية (29/ 131).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الطواف لا تشترط له الطهارة ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وعليه فمن أحدث في طوافه لم يلزمه الخروج ليتوضأ ، وينظر : جواب السؤال رقم (34695) .
والذي يفهم من سؤالك أنك أكملت الشوط الثالث بلا وضوء ، فإن كان كذلك فإن طوافك لا يصح عند جمهور الفقهاء .
وأما على قول شيخ الإسلام رحمه الله ومن وافقه فإن طوافك صحيح .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لو انتقض الوضوء في أثناء الطواف فما الحكم؟
فأجاب : "إذا انتقض وضوء الطائف فإن الواجب عليه أن يخرج من الطواف فيتوضأ ثم يعود ويستأنف الطواف من جديد هذا ما عليه جمهور العلماء ؛ لأن من شرط الطواف الطهارة ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا انتقض وضوؤه وهو يطوف فإنه يستمر في طوافه ولا يلزمه الوضوء ؛ لأن الطواف ليس من شرطه الوضوء ، وما قاله شيخ الإسلام رحمه الله هو الصحيح ؛ لأنه ليس هناك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن الطواف يشترط له الطهارة ، غاية ما فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام حين أراد أن يطوف توضأ ثم طاف ، وهذا فعل ، والفعل لا يدل على الوجوب ، كذلك أيضاً في حديث عائشة رضي الله عنها لما حاضت قال عليه الصلاة والسلام : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت ) وهذا لأنها حائض ، والحيض يلوث المسجد في الغالب ، وأيضاً الحائض لا تمكث في المسجد ، وكذلك الجنب لا يمكث في المسجد، أيضاً حديث صفية رضي الله عنها أنها حاضت بعد الحج فقال : ( أحابستنا هي ؟) قالوا: إنها قد أفاضت. قال : ( فانفروا ) فهو دليل على أنها لو كانت حائضاً ما طافت، فيقال: الحيض غير الحدث الأصغر، ولو كانت الطهارة واجبة في الطواف لكان الرسول صلى الله عليه وسلم بينها للناس؛ لأن كثيرًا من الناس قد لا يكونون [على طهارة] ، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله وهو الصحيح وهو الذي نفتي به ، لكنه لا شك أن كون الإنسان يطوف على طهارة أفضل وأحوط وأبرأ للذمة ، لكن أحياناً يقع شيء لا يستطيع الإنسان ويشق عليه ، مثل أيام الزحمات الكبيرة يُحدث ولو قلنا : اذهب وتوضأ فذهب وتوضأ ثم رجع فسوف يستأنف ثم في أثناء الطواف أيضاً أحدث لأن معه غازات مثلاً، فنقول : اذهب وتوضأ ثم ارجع وابتدىء الطواف والوضوء في أيام الزحمة شاق جداً ، متى يتهيأ للإنسان أن يخرج؟ ثم إذا خرج متى يجد مكان الوضوء خالياً ؟ ثم إذا توضأ ورجع متى يتيسر له أن يدخل ؟ فكوننا نوجب على عباد الله شيئاً ليس فيه دليل واضح من الكتاب والسنة مع هذه المشقة العظيمة ، الحقيقة أنه لا يسوغ ، يعني يجد الإنسان نفسه غير مباح أن يوجب على عباد الله مثل هذا الشيء بدون دليل واضح ، نعم لو كان الأمر سهلاً مثل أيام عدم المواسم يخرج ويتوضأ ويرجع ويعيد الطواف فهذا أمر سهل ، نقول : الأحوط أن تفعل هذا ، على كل حال الذي نرى ما رآه شيخ الإسلام رحمه الله لا يشترط الوضوء للطواف " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (22/ 361).
ثانيا :
لا يصح الطواف من داخل المسعى ؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام ، ولهذا يباح للحائض أن تمكث فيه ، لكن إذا اشتد الزحام ولم يجد الإنسان بدا من دخول المسعى ثم العودة إلى محل الطواف فيعفى عنه ويصح طوافه ، وينظر : جواب السؤال رقم (106543) .
والله أعلم .
تعليق