الحمد لله.
أولاً : الواجب على المسلم أن يتجنب الحضور في كل مجلس يُعصى الله فيه ، فكيف بمجلس يُسَبُّ فيه الله ورسوله !!
قال الله تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الأنعام/68 .
فكل من جلس مجلساً يخاض فيه في آيات الله بالطعن والاستهزاء ، أو الانتقاص والسب ، فيجب عليه الإعراض عن مجالستهم حتى يأخذوا في كلام آخر ، غير ما كانوا فيه من الباطل.
قال الله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) النساء/140 .
قال القرطبي : "فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن يُنكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية". انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (5/418) .
وبناء على ذلك : فالواجب عليك الإنكار على هذا الساب ، فإن لم تستطع فيلزمك مغادرة ذلك المجلس ، فإن لم يكن ذلك متيسراً ، ففي هذه الحال يلزمك ترك العمل في هذا المكان ، ما دمت تسمع سب الله ورسوله ولا تقدر على إنكاره ، ولا تقدر على ترك المجلس .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي : "هذا النهي والتحريم ، لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم ، أو يسكت عنهم وعن الإنكار ، فإن استعمل تقوى الله تعالى ، بأن كان يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم ، فيترتب على ذلك زوال الشر أو تخفيفه ، فهذا ليس عليه حرج ولا إثم" انتهى من "تيسير الكريم الرحمن" (1/260) .
وينظر جواب السؤال (65551) .
ثانياً : الطريقة المثلى للانتصار لله ورسوله في هذه الحالة تكون بأمور :
1-الإنكار عليه فيما يقول والإغلاظ عليه في ذلك ، وبيان خطورة كلامه ، والوعيد الشديد المترتب على سب الله ورسوله ، ونصح من حوله بعدم الإصغاء إليه لخطورة ما يقول .
فالساب لله ورسوله مرتد عن دين الإسلام ، تحبط جميع أعماله الصالحة ، ويفسخ عقد زواجه وتحرم عليه امرأته المسلمة ، وإن مات على تلك الحال ولم يتب : فلا يُغسَّل ، ولا يكفَّن ، ولا يُصلَّى عليه ، ولا يُدفن في مقابر المسلمين ، كما أنه لا يرث ، ولا يورث منه ، ويكون مصيره في الآخرة الخلود في نار جهنم أبداً .
وينظر جواب السؤال (22809) ، (114779) ، (14305) .
2- الهجر والقطيعة الدائمة له إذا لم يتب مما هو عليه من الكفر والضلال ، كما قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ...) الممتحنة/4 .
قال الشيخ عبد الرحمن البراك : "وأقل ما يجب مع الإنكار عليه بالقول وبيان أنّ هذا ردَّة ؛ وجوب مقاطعته وعدم مجالسته ، وإن بُلي الإنسان به في مكان عملٍ ، فيجب عليه هجره والإعراض عنه ، فلا يسلم عليه ، ولا يتلقاه بشيء من البشر ، ولا يستقبله بكلمة تدل على الهوادة ، ليستشعر حقيقة جرمه ، وشناعة ما قال" انتهى من "مجموع فتاوى العلامة البراك" (1/8) .
ويجب نصح صاحب العمل بأنه إن كان مسلماً ، يحب الله ورسوله حقاً ، فلا بد أن يغضب لهما ، وينتصر لهما ، وأقل ذلك : أن ينصح ذلك الساب ، فإن لم يكف عن كفره فأقل ما يمكن فعله هو طرده من العمل ، ولا يمكن أن تكون محبة العمل والدنيا مقدمة على محبة الله ورسوله ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة/24 .
ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، فالمقطوع به أن صاحب العمل إذا طرد ذلك الساب من العمل أن الله تعالى سيعوضه بأفضل منه ، ولن يخسر عمله بسبب ذلك .
والله أعلم
تعليق