الحمد لله.
أولا :
نسأل الله تعالى أن يوفقك ويعينك على تربية أبنائك ، وقد أحسنت في حرصك واجتهادك لتعليمهم أذكار الصباح والمساء ، ولا حرج فيما تصنعه من النطق بالأذكار جهرا ونطقهم بها معك سرا ، وليس هذا من الذكر الجماعي المبتدع الذي يكون على صوت واحد جهرا ، على أن مقام التعليم يغتفر فيه هذا أيضا ، فلو ردد المتعلم ما يقوله معلمه معه جهرا ، فلا حرج عليه حتى يتمكن من الأداء بنفسه .
ثانيا :
فضل مجالس الذكر يحصل لكل جماعة قعدوا يذكرون الله تعالى ، سواء اجتمعوا على سماع ذكر من أحدهم ، أو انشغل كل منهم بذكره الخاص ، ويدخل في الذكر : قراءة القرآن ، ودروس العلم والفقه .
وعليه فجلوسكم لقول أذكار الصباح والمساء هو من الاجتماع على الذكر الذي يرجى به الأجر الوارد في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا ، يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ ، قَالَ : فَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ ـ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ : جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ ، يُسَبِّحُونَكَ ، وَيُكَبِّرُونَكَ ، وَيُهَلِّلُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ ، وَيَسْأَلُونَكَ ، قَالَ : وَمَاذَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ ، قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا : لَا ، أَيْ رَبِّ . قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا : وَيَسْتَجِيرُونَكَ . قَالَ : وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي ؟ قَالُوا : مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ . قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا : لَا ، قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا : وَيَسْتَغْفِرُونَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا ، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا . قَالَ : فَيَقُولُونَ : رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ . فَيَقُولُ : وَلَهُ غَفَرْتُ هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ) رواه البخاري (6408) ومسلم (2689) واللفظ له .
ثالثا :
دعاء كفارة المجلس مشروع في ختام المجلس أي مجلس ، ولو كان مجلس ذكر ؛ لما روى النسائي (1344) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ مَجْلِسًا أَوْ صَلَّى تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ الْكَلِمَاتِ فَقَالَ : ( إِنْ تَكَلَّمَ بِخَيْرٍ كَانَ طَابِعًا عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
رابعا :
الحديث الوارد في الصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم عشرا في الصباح وفي المساء ، حديث ضعيف ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (130213) .
وعليه فلا يشرع التقيد بالصلاة عشرا في هذا الموضع ، وإنما يُصلى عليه صلى الله عليه وسلم صلاة مطلقة بدون تحديد عدد معين ؛ إذ الصلاة المطلقة مشروعة في كل وقت ، وهي من أسباب قبول الدعاء ، فتقال قبل الدعاء وبعده .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (21928) ورقم (128455) .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق