الحمد لله.
ليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن لهاتين السورتين - ولا لغيرهما – فضل في تسهيل الولادة على المرأة الحامل ، وإنما هو اجتهاد من بعض العلماء توسعا منهم في الاستدلال بالتجربة في باب الرقية ، وقد نقلنا هذا الاجتهاد عنهم في بعض أجوبتنا السابقة ، ومن تابعهم على هذا الاجتهاد فلا حرج عليه .
قال ابن القيم رحمه الله :
"كتاب لعسر الولادة : قال الخلال ، حدثني عبد الله بن أحمد قال : رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض ، أو شيء نظيف ، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ) الأحقاف/35، (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) النازعات/46 .
قال الخلال : أنبأنا أبو بكر المروزي ، أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله ! تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين ؟
فقال : قل له : يجيء بجام واسع ، وزعفران ، ورأيته يكتب لغير واحد ، ويذكر عن عكرمة عن ابن عباس قال : مر عيسى صلى الله على نبينا وعليه وسلم على بقرة قد اعترض ولدها في بطنها ، فقالت : يا كلمة الله ! ادع الله لي أن يخلصني مما أنا فيه .
فقال : يا خالق النفس من النفس ، ويا مخلص النفس من النفس ، ويا مخرج النفس من النفس ، خلصها . قال : فرمت بولدها فإذا هي قائمة تشمه . قال : فإذا عسر على المرأة ولدها فاكتبه لها . وكل ما تقدم من الرقى فإن كتابته نافعة " انتهى.
"زاد المعاد" (4/326) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل هناك آيات واردة تقرأ بغرض تسهيل الولادة بالنسبة للمرأة ؟
فأجاب :
"لا أعلم في ذلك شيئاً من السنة ، لكن إذا قرأ الإنسان على الحامل التي أخذها الطلق ما يدل على التيسير ، مثل : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ويتحدث عن الحمل والوضع ، كقوله تعالى :(وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِه) ، ومثل قوله تعالى : (إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا) ، فإن هذا نافع ومجرب بإذن الله ، والقرآن كله شفاء ، إذا كان القارئ والمقروء عليه مؤمنا بأثره وتأثيره ، فإنه لا بد أن يكون له أثر ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً) .
وهذه الآية عامة : شفاء ورحمة ، يشمل شفاء القلوب من أمراض الشبهات ، وأمراض الشهوات ، وشفاء الأجسام من الأمراض المستصعبات" انتهى من"فتاوى نور على الدرب"شريط رقم(257) .
وقال أيضاً :
"وأما التجربة فإن كان المجرب له أصل فإن التجربة تكون تصديقاً له ، وإن لم يكن له أصل فإن كانت هذه التجربة في أمور محسوسة فلا شك أنها عمدة ، وإن كانت في أمور شرعية فلا ، القرآن الكريم الاستشفاء به له أصل ، قال الله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء/82 ، فله أصل ، فإذا جربت آيات من القرآن لمرض من الأمراض ونفعت صار هذا النفع تصديقاً لما جاء في القرآن من أنه شفاء للناس .
أما غير الأمور التعبدية فهذه خاضعة للتجربة بلا شك ، فلو أن إنساناً مثلاً له بصيرة فيما يخرج من الأرض من الأعشاب ونحوها خرج إلى البر ، وجمَّع ما يرى أن فيه مصلحة ، وجرب ، فإنه يثبت الحكم به" انتهى .
"اللقاء الشهري" (لقاء رقم/37 ، سؤال رقم/26) .
وسئل الشيخ صالح الفوازن حفظه الله : هل قراءة سورة مريم وسورة الانشقاق وسورة الزلزلة في كل ليلة للمرأة الحامل في شهرها التاسع تسهل وتخفف لها الولادة بإذن الله ، حيث قرأنا في أحد المطويات عن هذا ؟
فأجاب :
"لا أعرف لهذا أصلا ، قراءة هذه السور أن لها خصوصية في التسهيل على الحامل ، لا أعرف لذلك أصلا ، اللهم إلا إن كان فيه آثار واردة عن بعض الصحابة أو بعض العلماء ، ولكن الدليل عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك ، لا أعلم من ذلك شيئا" انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم : (10538) ، (119767)
والله أعلم .
تعليق