الحمد لله.
الأسماء قوالب للمعاني كما يقال ، ولكل إنسان نصيبٌ من اسمه ، فالإنسان مطلوب منه أن يتسمى بأسماء صالحة ، ذات معنى حسن ، حتى يكون له نصيب من اسمه .
قال ابن القيم :
لما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب ، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها ؛ فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافه ، بل للأسماء تأثير في المسميات ، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح والخفة والثقل واللطافة والكثافة كما قيل :
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
" زاد المعاد " ( 2 / 336 ) .
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة .
فعن ابن عمر : أن ابنة لعمر كانت يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة . رواه مسلم ( 2139 ) .
وهذا الحكم –أعني تغيير الاسم إلى اسم حسن- على سبيل الاستحباب والأفضلية ، وليس على سبيل الوجوب والإلزام .
والدليل على ذلك : ما رواه البخاري (6190) عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : حَزْنٌ . قَالَ : أَنْتَ سَهْلٌ . قَالَ : لا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي . قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : فَمَا زَالَتْ الْحُزُونَةُ فِينَا بَعْدُ .
والحزونة هي الصعوبة وشدة الخُلُق .
قال ابن بطال :
فيه أن الأمر بتحسين الأسماء وبتغيير الاسم إلى أحسن منه ليس على سبيل الوجوب اهـ من فتح الباري .
لأنه لو كان على سبيل الوجوب لما رفض الصحابي تغييره ، ولألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بتغييره . والله أعلم .
لكن . . إذا كان الاسم مُعّبَّداً لغير الله ، مثل : عبد النبي ، أو عبد المسيح ونحو ذلك فهذا يجب تغييره ، لأنه لا يجوز التعبيد لغير الله تعالى ، لأن الخلق كلهم ملك لله تعالى وعبيد له .
قال ابن حزم رحمه الله :
اتفقوا على تحريم كل اسم مُعَبَّد لغير الله كعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك اهـ
فتح المجيد (ص 531) .
والله أعلم .
تعليق