الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

شراء البيت المرهون إذا بيع في المزاد لعجز المقترض عن سداد القرض الربوي

146305

تاريخ النشر : 10-04-2010

المشاهدات : 29584

السؤال

شخص رهن بيته مقابل قرض ربوي , وعند حلول الأجل المتفق عليه ولعجز صاحب البيت عن القضاء قامت المؤسسة الربوية ببيع البيت عن طريق المحكمة بواسطة المزاد العلني , وبحكم مقابلة البيت المذكور لأحد المساجد رأى بعض المحسنين شراءه من المشتري الذي اشتراه عن طريق المزاد العلني , لإلحاق مساحته بمساحة المسجد . السؤال . 1 ما حكم عقد الرهن في مقابل القرض الربوي ؟ 2 ما حكم شراء هذا البيت الذي بيع بغير اختيار صاحبه العاجز عن تسديد القرض الربوي ؟ 3 هل يدخل هذا الشراء في شراء المغصوب ؟ 4 ما حكم شراء هذا البيت من المشتري الثاني مع العلم بقصة بيعه وإشراكه بمساحة المسجد؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الاقتراض بالربا محرم تحريما شديدا ، وهو كبيرة من كبائر الذنوب ، لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278 ، 279 .
وما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُؤْكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ) .

فلا يجوز الاقتراض الربوي ، ولا توثيقه برهن أو كفيل .

ثانيا :

لا يلزم المقترض بالربا سداد الفائدة ، بل يلزمه سداد أصل القرض فقط ، فإن عجز عن ذلك ، وكان قد ترك للمقرض رهنا ، جاز بيع الرهن في حالتين :

الأولى : أن يأذن المقترض (الراهن) ببيعه ، سواء أذن عند عقد الرهن ، أو أذن عند وقت سداد الدين .

الثانية : أن تقضي بذلك المحكمة .

قال في "زاد المستقنع" : " ومتى حلّ الدين وامتنع من وفائه ، فإن كان الراهن أذن للمرتهن في بيعه ، باعه ووفّى الدين ، وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن ، فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفّى دينه " انتهى .

 وللمحكمة أن توكل من يتولى البيع ، سواء وكّلت المقرض (المرتهن) أو غيره .

ويشترط في حق من يبيع الرهن سواء كان المرتهن أو أي جهة يعينها القاضي أن يبيع العين المرهونة بثمن المثل ، لا بأقل .
قال في "مغني المحتاج" (3/71) : "ولا يبيع العدلُ المرهونَ إلا بثمن مثله حالاًّ من نقد بلده ، كالوكيل ، فإن أخل بشيء منها لم يصح البيع ، لكن لا يضر النقص عن ثمن المثل بما يتغابن به الناس ، لأنهم يتسامحون فيه" انتهى .
والعدل هو من يُحفظ عنده الرهن ، إذا اتفق الطرفان على جعل الرهن عند من يحفظه .

وعليه ؛ فإن كان الرهن قد بيع لعجز المقترض عن سداد أصل القرض ، وكان ذلك بحكم المحكمة ، وقد تم بالمزاد العلني ، فلا حرج في شرائه ، ولا أثر لعدم رضا البائع ، فإنَّ بَيْعَ المكرَه يصح إذا كان قد أُكره بحق ، ولا يعد هذا من شراء المغصوب .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وقوله : فلا يصح [يعني : البيع] من مكره بلا حق أفادنا ـ رحمه الله ـ أنه إذا كان مكرها بحق فلا بأس ؛ لأن هذا إثبات للحق ، أي : إذا أكرهنا الإنسان على البيع بحق ، فإن هذا إثبات للحق وليس ظلما ولا عدوانا .
مثال ذلك : شخص رهن بيته لإنسان في دين عليه وحَلَّ الدين فطالب الدائن بدينه ، ولكن الراهن الذي عليه الدين أبى ، ففي هذه الحال يجبر الراهن على بيع بيته ؛ لأجل أن يستوفي صاحب الحق حقه فيرغم على ذلك .
مثال آخر : أرض مشتركة بين شخصين وهي أرض صغيرة لا تمكن قسمتها ، فطلب أحد الشريكين من الآخر أن تباع فأبى الشريك الآخر ، فهنا تباع الأرض قهرا على من امتنع ؛ لأن هذا بحق من أجل دفع الضرر عن شريكه .
فالضابط إذا : (أنه إذا كان الإكراه بحق فإن البيع يصح ولو كان البائع غير راض بذلك) ؛ لأننا هنا لم نرتكب إثما لا بظلم ولا بغيره فيكون ذلك جائزا " انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 108).

ثالثا :

لا حرج في شراء البيت من المشتري الثاني ، وإلحاقه بالمسجد .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب