الحمد لله.
يُشرع قضاء السنن الراتبة إذا فاتت بعذر ، كالنوم أو النسيان أو الانشغال عنها فلم تُصلَّ في أوقاتها ، فتُقضى ولو في أوقات النهي على الراجح من كلام أهل العلم ؛ وذلك لما رواه البخاري (1233) ومسلم (834) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُمَا فَقَالَ : (إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ) .
ولما رواه ابن ماجه (1154) عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَصَلاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ، فَصَلَّيْتُهُمَا . قَالَ : فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (948) .
ولما رواه الترمذي (426) عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعده) وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال النووي رحمه الله :
"الصحيح عندنا : استحباب قضاء النوافل الراتبة ، وبه قال محمد ، والمزني ، وأحمد في رواية عنه ، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الرواية عنهما : لا يقضي ، دليلنا هذه الأحاديث الصحيحة" انتهى .
"المجموع" (4/43).
وقال المرداوي الحنبلي رحمه الله :
" قوله : (ومن فاته شيء من هذه السنن سن له قضاؤها) : هذا المذهب [يعني مذهب الإمام أحمد] والمشهور عند الأصحاب" انتهى .
"الإنصاف" (2/187) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"إذَا فَاتَتْ السُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ مِثْلُ سُنَّةِ الظُّهْرِ . فَهَلْ تُقْضَى بَعْدَ الْعَصْرِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد : أَحَدُهُمَا : لَا تُقْضَى وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ . وَالثَّانِي : تُقْضَى وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ أَقْوَى . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (23/127) .
وعلى ما تقدم : فيشرع لك إذا لم تتمكني من صلاة راتبة الظهر القبلية والبعدية في أوقاتهما أن تصليهما بعد العصر .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز تأخير السنن القبلية التي قبل صلاة الظهر بحيث نبدأ صلاة الظهر وبعد ساعة تقريباً نصلي السنن القبلية والبعدية ؛ لأن الوقت الذي يسمح لنا بالصلاة فيه في مكان الدراسة خارج المملكة لا يكفي إلا للوضوء والصلاة فقط ؟
فأجاب : "إذا أخر إنسان السنة القبلية إلى بعد الصلاة ، فإن كان لعذر فلا حرج عليه أن يقضيها بعدها وتجزئه ، وإذا كان لغير عذر فإنها لا تجزئه ، وما ذكرت السائلة من أن الوقت لا يتسع إلا للوضوء ولصلاة الفرض فإنه عذر ، وعلى هذا فيجوز قضاء الرواتب القبلية بعد الصلاة ، ولكنه في هذه الحال يبدأ أولاً بالسنة البعدية ثم يقضي السنن القبلية" انتهى .
"فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (14/194) .
وينظر لزيد الفائدة جواب السؤال رقم (114233) .
والله أعلم .
تعليق