الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

لا يلزم الوقف بمجرد النية

السؤال

شخص ضمن اقتراض مبلغ من المال لشراء بيت بجانب المسجد ليكون من مرافق المسجد ، ثم بعد ذلك قام هذا الرجل بوضع هذا البيت باسمه بدلاً من أن يجعله باسم المسجد ، فما العمل الآن ؟ ومن له الحق في البيت ؟ هل للمسجد أم للرجل ؟ .

الجواب

الحمد لله.

لا يلزم الوقف بمجرد نية صاحبه أنه وقف ، وإنما يلزم باللفظ [كهذا وقف] ، أو بالفعل الدال على أنه وقف ، كمن بنى مكاناً ثم أذن فيه للصلاة ، فهذا يدل على أنه أوقفه مسجداً .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (44/119 ، 120) :

"اختلف الفقهاء في لزوم الوقف ، فذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة في المذهب وأبو يوسف ومحمد من الحنفية إلى أن الوقف متى صدر ممن هو أهل للتصرف مستكملا شرائطه أصبح لازماً ، وانقطع حق الواقف في التصرف في العين الموقوفة بأي تصرف يخل بالمقصود من الوقف ، فلا يباع ولا يوهب ولا يورث ؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : (تصدق بأصله ، ولا يباع ولا يوهب ولا يورث) ، ولأن الوقف تبرع يمنع البيع والهبة والميراث فلزم بمجرد صدور الصيغة من الواقف كالعتق ، ويفارق الهبة فإنها تمليك مطلق ، والوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، فهو بالعتق أشبه ، فإلحاقه به أولى .

وعند أبي حنيفة : الوقف جائز غير لازم وللواقف الرجوع فيه حال حياته مع الكراهة ويورث عنه ... ولكن الفتوى عند الحنفية على قول أبي يوسف ومحمد وهو اللزوم ، قال ابن عابدين نقلا عن "الفتح" : والحق ترجيح قول عامة العلماء بلزومه ؛ لأن الأحاديث والآثار متضافرة على ذلك ، واستمر عمل الصحابة والتابعين ومن بعدهم على ذلك ، فترجح قولهما" انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

"يزول الملك ويلزم الوقف بمجرد اللفظ به ؛ لأن الوقف يحصل به ، وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى : لا يلزم إلا بالقبض وإخراج الواقف له عن يده .... ثم استدل لصحة القول الأول فقال : "ولنا : ما رويناه من حديث عمر ، ولأنه تبرع يمنع البيع والهبة والميراث فلزم بمجرده كالعتق ، ويفارق الهبة ؛ فإنها تمليك مطلق ، والوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، فهو بالعتق أشبه ، فإلحاقه به أولى" انتهى .

"المغني" (6/208) .

وعليه :

فإن كان صاحب البيت ناوياً (مجرد نية) أن يجعل البيت وقفاً لله تعالى تابعاً للمسجد : فلا يلزمه جعله كذلك ، بل له الرجوع في نيته ، وأما إن صرَّح بالوقف بعد أن اشترى البيت فقال : إنه وقف لله تعالى : فلا يحل له الرجوع في الوقف ، بل يجب عليه أن يجعله وقفاً كما قال ، وإن كان قد وعد أهل المسجد بجعل البيت وقفاً لله تعالى تابعاً للمسجد فخير له أن يوفي بوعده ؛ فإن ذلك من عظيم أخلاق المسلمين .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إن سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد الله آل سعود وعد بمنح قطعة أرض بيضاء بجهة قرية "الضبيعة" ليبني عليها مدرسة ، غير أن تنفيذ ذلك مشروط بجواز رجوعه عن وعد سابق بمنحها ليبني عليها مسجد عيد ، وطلب سموه منا استشارة العلماء في ذلك ، هل يختار منحها لمسجد العيد وفاء بالوعد السابق ، أو منحها لوزارة المعارف لتقيم عليها مدرسة ؟ علماً بأن هناك حاليّاً مسجداً لصلاة العيد غربي "الضبيعة" .

فأجابوا :

"إن كان سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد الله آل سعود قد منح قطعة الأرض بالفعل ليقام عليها مسجد عيد فهي لمسجد العيد ، وليس له أن يرجع في منحته ، وإن كان الذي حصل منه  مجرد وعد بمنح قطعة الأرض ليقام عليها المسجد ، فخير له أن ينفذ ما وعد به وفاء بالوعد" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/93 ، 94) .

وانظر جواب السؤال رقم (125101) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة