الجمعة 19 جمادى الآخرة 1446 - 20 ديسمبر 2024
العربية

حكم وضع الشريط اللاصق العلاجي المصنوع من الحرير

147062

تاريخ النشر : 04-03-2011

المشاهدات : 9380

السؤال

أنا طالب علوم طبية وفي تخصصنا بعض الطرق العلاجية التي تستخدم الشريط اللاصق لمعالجة بعض الآلام الموضعية كآلام المفاصل والعضلات .. سؤالي هو : إن بعض الأشرطة اللاصقة مصنوعة من الحرير فهل يجوز استخدامها مع المرضى؟ علما بأنه يمكنني الاستغناء عنها.

الجواب

الحمد لله.


أولا :
يحرم على الرجل لبس الحرير الطبيعي ؛ لما روى أبو داود (3535) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ : (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي) صححه الألباني في صحيح أبي داود (3422) .
وينظر جواب السؤال رقم (30812) .
ثانيا :
لا حرج في استعمال الأشرطة اللاصقة المصنوعة من الحرير في العلاج والتداوي ؛ لما روى (5839) ومسلم (2076) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِمَا) .
ولفظ مسلم : (مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا أَوْ وَجَعٍ كَانَ بِهِمَا) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" : " قَالَ الطَّبَرِيُّ : فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ النَّهْي عَنْ لُبْس الْحَرِير لَا يَدْخُل فِيهِ مَنْ كَانَتْ بِهِ عِلَّة يُخَفِّفهَا لُبْس الْحَرِير . اِنْتَهَى . وَيَلْتَحِق بِذَلِكَ مَا يَقِي مِنْ الْحَرّ أَوْ الْبَرْد حَيْثُ لَا يُوجَد غَيْره " انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله : " فإن لبس الحرير للقمل أو الحكة أو المرض ينفعه لبس الحرير جاز في إحدى الروايتين [يعني : عند الإمام أحمد] ; لأن أنسا روى أن عبد الرحمن بن عوف , والزبير بن العوام , شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرخص لهما في قمص الحرير في غزاة لهما . وفي رواية : شكيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في قمص الحرير , ورأيته عليهما . متفق عليه . وما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره , ما لم يقم دليل التخصيص , وغير القمل الذي ينفع فيه لبس الحرير في معناه . فيقاس عليه .
والرواية الأخرى : لا يباح لبسه للمرض ; لاحتمال أن تكون الرخصة خاصة لهما , وهو قول مالك . والأول أصح ; إن شاء الله تعالى ; لأن تخصيص الرخصة بهما على خلاف الأصل " انتهى من "المغني" (1/ 342) .
وقال في "زاد المستقنع" : " ولضرورة أو حكة أو مرض، أو قمل ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : " قوله: أو مرض ، أي: يجوز لبس الحرير إذا كان فيه مرض يخففه الحرير أو يبرئه ، والمرجع في ذلك إلى الأطباء ، فإذا قالوا : هذا الرجل إذا لبس الحرير شفي من المرض ، أو هان عليه المرض ، فله أن يلبسه .
قوله : أو قمل ، أي : يجوز لبس الحرير لطرد القمل ، لأنه محتاج لذلك إما حاجة نفسية ؛ إذ إن الإنسان لا يطيق أن يخرج إلى الناس وعلى ثيابه القمل ، وإما حاجة جسدية ؛ لأن هذا القمل يقرص الإنسان ويتعبه ، والحرير لليونته ونظافته ونعومته يطرد القمل ؛ لأنه أكثر ما يكون مع الوسخ " انتهى من "الشرح الممتع" (2/ 216).
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : كيف يكون الجمع بين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما جعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليهم) وترخيصه للرجال في الحرير في حالات الجرب رغم تحريم الحرير عليهم ؟
فأجابوا : "حل استعمال الحرير للرجال من أجل الحكة خاص ، ومنع التداوي بالحرام عام ، فيستثنى من ذلك استعمال الحرير للعلة المذكورة بصفة خاصة ، وقد جاءت الشريعة في مواضع كثيرة باستثناء مسائل معينة من أحكام عامة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/47) .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. الشيخ عبد الله بن غديان .. الشيخ عبد الله بن قعود .

على أن ذلك كله فيما إذا كان الحرير طبيعيا ؛ وأما إذا كان الحرير صناعيا ، فقد زال الإشكال من أصله ، فالحرير الصناعي ليس له أحكام الحرير الطبيعي ، بل هو كغيره من المباحات ، للمريض والصحيح على السواء .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب