الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

هل يستحب التنويع في قراءة سور القرآن في الصلوات ؟

148634

تاريخ النشر : 30-05-2010

المشاهدات : 55738

السؤال

علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المفصل في الصلوات ، فالطوال للفجر ، وإلخ ، فلا حرج من مواظبة المرء على هذا طوال حياته ، أم ينبغي التنويع أي القراءة من الأجزاء الأولى في القرآن ، وقد أكرر نفس السورتين لمدة ثلاثة أيام مثلا في الفجر ، فهل في ذلك من خطأ ؟

الجواب

الحمد لله.

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم المسيء في صلاته الصلاة ، وكان مما قال له : (ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ) رواه البخاري ( 757) ومسلم (397) .

ويدل هذا على أنه لا حرج على المسلم أن يقرأ ما شاء من القرآن في الصلوات ، ولا يلزمه التقيد بسورة معينة يقرأها بعد سورة الفاتحة .

وعلى هذا ، فإذا قرأ من المفصل أو غيره فلا حرج عليه .

وإذا كرر السورة في عدة أيام أو في عدة صلوات في اليوم الواحد فلا حرج عليه .

ولكن ... إذا أمكن التنويع فهو أفضل حتى يكون مقتدياً بالرسول صلى الله عليه وسلم ، مصلياً كما كان يصلي .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالمفصل وبغيره من سور القرآن .

فقد قرأ في صلاة المغرب بالأعراف . رواه البخاري (764) .

وقرأ في الصبح بسورة المؤمنون ، فأخذته سعلة فركع ولم يكملها . رواه مسلم (455) .

وقرأ في الظهر بسورة لقمان . رواه النسائي ، قال النووي في المجموع (3/345) : إسناده صحيح .

ولمن أراد التوسع في التعرف على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة في الصلوات فلينظر كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني .

وانظر جواب السؤال رقم : (65562) ، (20043) ، (69915) .

وقال النووي رحمه الله :

"يحصل أصل الاستحباب بقراءة شيء من القرآن , ولكن سورة كاملة أفضل , حتى إن سورة قصيرة أفضل من قدرها من طويلة ; لأنه إذا قرأ بعض سورة فقد يقف في غير موضع الوقف , وهو انقطاع الكلام المرتبط , وقد يخفى ذلك .

قالوا : ويستحب أن يقرأ في الصبح بطوال المفصل : (كالحجرات) (والواقعة) .

وفي الظهر بقريب من ذلك .

وفي العصر والعشاء بأوساطه .

وفي المغرب بقصاره .

فإن خالف وقرأ بأطول أو أقصر من ذلك جاز ، ودليله الأحاديث السابقة " انتهى.

"المجموع" (3/349) .

وقال ابن القيم رحمه الله :
"أما المغرب ، فكان هديُه فيها خلافَ عمل الناس اليوم، فإنه صلاها مرة ب(الأعراف) فرَّقها في الركعتين، ومرة ب (الطور) ومرة ب (المرسلات).
قال أبو عمر بن عبد البر: روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قرأ في المغرب ب (المص) وأنه قرأ فيها ب (الصافات) وأنه قرأ فيها ب (حم الدخان) وأنه قرأ فيها ب(سبح اسم ربك الأعلى) وأنه قرأ فيها ب (التين والزيتون) وأنه قرأ فيها ب (المعوِّذتين) وأنه قرأ فيها ب (المرسلات) وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل قال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة. انتهى.
وأما المداومة فيها على قراءة قِصار المفصل دائماً، فهو فعلُ مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيدُ بن ثابت، وقال: مَالَكَ تقرأ في المغرب بقصار المفصَّل؟! وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في المغرب بطولى الطُوليين. قال: قلت: وما طُولى الطوليين؟ قال: (الأعراف) وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن.
وذكر النَّسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين.
فالمحافظة فيها على الآية القصيرة، والسورةِ من قِصار المُفصَّل خلافُ السنة، وهو فعل مروان بن الحكم.
وأما العشاء الآخرة، فقرأ فيها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (التين والزيتون) ووقَّت لمعاذ فيها ب (الشمس وضحاها) و(سبِّح اسم ربك الأعلى) و(الليل إذا يغشى) ونحوها، وأنكر عليه قراءتَه فيها ب (البقرة) بعدما صلَّى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف، فأعادها لهم بعدما مضى من الليل ما شاء الله، وقرأ بهم ب (البقرة) ولهذا قال له: "أفتان أنت يا معاذ" فتعلق النَّقَّارون بهذه الكلمة، ولم يلتفِتوا إلى ما قبلها ولا ما بعدها .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعين سورة في الصلاة بعينها لا يقرأ إلا بها إلا في الجمعة والعيدين، وأمّا في سائر الصلوات، فقد ذكر أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه أنه قال: مَا منَ المفصَّلِ سورةٌ صغيرةٌ ولا كبيرةٌ إلا وقد سمِعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤمُّ الناسَ بها في اَلصَّلاةِ المَكْتُوبةِ.
وكان من هديه قراءةَ السورة كاملة، وربما قرأها في الركعتين، وربما قرأ أول السورة. وأما قراءة أواخر السور وأوساطِها، فلم يُحفظ عنه. وأما قراءةُ السورتين في ركعة، فكان يفعله في النافلة، وأما في الفرض، فلم يُحفظ عنه.
وأما قراءةُ سورة واحدة في ركعتين معاً، فقلما كان يفعله" انتهى .
" زاد المعاد " (1/209-215)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب